صوت الشعب صوت الحقيقة
وهيبة العيدي متخرّجة من معهد الموسيقى والمسرح بالكاف
يعاني الممثل الأمرين جسديا وذهنيا ونفسيا طيلة مراحل انجاز المسرحية دون أن يحصل على الحد الأدنى المتفق عليه، الممثل هو حمّال الآسية وكما يقول المثل الشعبي: “(كِعَسْكِرْ زوارة // موخّر في الربح مقدم في الخسارة).
الممثل هو طاقة الإنتاج التي تذهب هباء لصالح المسؤولين الإداريين، كذا هو الشأن مع وزارة الثقافة من “راسها لساسها”، فبعد أن تم التخفيض في ميزانية وزارة الثقافة إلى 0.7% يتم تخصيص 80% من هذه الميزانية لأجور الموظفين والبنية التحتية من مؤسسات ودور ثقافة وما شابهها، والبقية وتمثّل الخمس توزع على الإبداع.
فالمديرين والمديرين الفنيين والموظفين والكتبة الثقافيين وجهاز الموظفين الإداري (لهم أولوية تقديم الأعمال، وإقحام أسمائهم في خطة مع المجموعة المشرفة على انجاز العمل (مساعد مخرج مثلا، أو موظب عام، أو دراماتورجيا …الخ) وهذا غالبا لا يشترط الحضور، وإنما يتطلب فقط الإمضاء في العقد الذي لا تقلّ قيمته عن 2000 دينار.
ضرورة قلب المعادلة على رأسها:
تخصيص 80 % من الميزانية للإبداع
منع كل موظّف في مركز ثقافي يتقاضى أجر وظيفته من المشاركة في عمل تنتجه المؤسسة ما لم يكن الإخراج الذي يجب أن لا يكون هو كذالك دوري وبشكل آلي مقتصر على العاملين بمراكز الفنون الدرامية، فمساعد مخرج والأدوار الثانوية التي تكون على الورق فقط يجب مراقبتها والضرب بشدّة على أيدي مرتكبيها لأنها تفتح الباب أمام تعميق ثقافة الانتهازية والمحسوبية وهي سلوكيات ومواقف لم نتربى عليها من أساتذتنا الأجلاء..
لا أنتصر إلى الممثل فقط لنّي ممثلة، بل لأني أؤمن أن العمل قائم على الجهد والمكابدة والبحث في الذّات ومع الذّات، في محاولة للتجاوز المستطاع الجسدي، وسعيا لتفجير الطاقة الكامنة. وهي عملية شاقة ومضنية أن تفسخ ذاتك في اليوم آلاف المرّات لتكون غيرك نفسيا وعاطفيا. هذا علاوة على العناء الجسدي في لعبة الترويض والتليين والقسوة والشّدة..
لهذا أرى أنّه على المشتغلين بالحقل المسرحي إعادة الاعتبار للممثل من حيث هو مكوّن أساسي ورئيسي في العملية المسرحية، وشريك ومحاور ومرتجل ومولّد للنص وللحالة وللصورة. وإعادة الاعتبار تبدأ بالاحتفاء به
واحترام مكانته وحضوره، لا أن يستخفّ به معنويا وماديا، وذلك بأن يكون تحت سلطة الإداري الموظّف في أسلوب تعامل أقل ما يقال فيه أنّه يفتقر إلى اللياقة.
كما أن دفاعي عن الممثل وانتصاري له ليس على حساب المخرج ولا الطاقم الفنّي، بل من باب مساواته بمن يعمل معه في نفس العمل من حيث المكانة المعنوية والمقابل المادّي، ومساواة الطاقم الفنّي بالممثل من حيث الحضور والعمل والمساهمة الجدّية وليست الشكلية.
وعلى الموظّف الإداري أن يأخذ رخصة استثنائية للمساهمة في العمل مثله مثل أي موظّف في مؤسسة حكومية، لا أن يظل يتقاضى أجرين أجر الحج وأجر الدّعاء.
بقلم : وهيبة العيدي
