صوّت الشعب اليوناني، يوم أمس الأحد 5 جويلية، بأغلبية كبيرة (61,5) لفائدة الـ”اللاء” التي طلبتها منه حكومته المنتخبة حديثا، حكومة “سيريزا”، وذلك في استفتاء حول الشروط المهينة والمذلّة والصلفة التي تريد ترويكا الاستغلال والنهب (المفوضة الأوروبية، البنك المركزي الأوبي، صندوق النقد الدولي) فرضها على الأمة اليونانية بعد أن أغرقتها في الديون وفقّرت شعبها وخرّبت نسيجها الاقتصادي والاجتماعي ودمّرت مؤسّساتها الصحية والتربوية والثقافية، وحكمت على الملايين من أبنائها وبناتها بالإملاق والتهميش.
1ـ لقد مارست هذه الترويكا وفي مقدمتها المستشارة الألمانية اليمينية، أنجيلا مركل، المدعومة باليمين العميل والجبان من داخل اليونان، وبالآلة الإعلامية والدعائية الضخمة لكافة اليمين الأروبي والغربي، ضغوطا وتهديدات رهيبة على الشعب اليوناني كي لا يصوّت بـ”لا” كما طلبت منه حكومته التي وعدته، عند انتخابها، بالدفاع عن كرامته. ولكن الشعب اليوناني لم يخف وصوّت بشجاعة تصويت العزة والكرامة، صوّت لفائدة مصالحه العليا.
2ـ لقد لجأت الحكومة اليونانية إلى الاستفتاء باعتباره آلية ديمقراطية، لاستشارة الشعب في قضية مصيرية تهمّ حاضره ومستقبله. وقد كشف أباطرة رأس المال نفاقهم ودجلهم، حين رفضوا، مسبقا، هذه الآلية وطلبوا من الحكومة اليونانية أن تنفذ أوامرهم دون نقاش، مبيّنين أنهم لا يقبلون بالديمقراطية إلا إذا كانت لفائدتهم، إلا إذا كانوا يعرفون مسبقا أنها شكلية وفارغة ومغشوشة.
3ـ إن “اللاء” اليونانية، ليست حدثا محلّيا فحسب، بل هي تحمل رسالة إلى الشعوب الأوروبية التي تختنق بفعل الأزمة وبفعل مقرّرات الاتحاد الأوروبي الجائرة، بل إنها تحمل أيضا رسالة إلى كل شعوب العالم التي تعيش أوضاعا أو هي مهدّدة بأن تعيش أوضاعا شبيهة بما يعيشه الشعب اليوناني، وهي أنها قادرة على الرفض وعلى اختيار بدائل أخرى غير ما يفرض عليها من سياسات رأسمالية متوحشة، كخيار واحد أوحد.
4ـ إن الشعب التونسي الذي يرى ظروف عيشه تتدهور من سنة إلى أخرى والحكومات المتعاقبة، منذ الثورة، تواصل تطبيق نفس السياسات المضرّة به وبوطنه، وتطبّق وصفات المؤسسات المالية الدولية وتخضع لنير الاتحاد الأوروبي، وشروطه، ولا تجرأ على المساس بمصالح من هم مطالبون حقا بأن يدفعوا ويتحمّلوا النصيب الأوفر من تبعات الأزمة، وتطلب من الطبقات والفئات الفقيرة والمتوسطة مزيد التضحيات، وتوهمها بأنه لا وجود لحلول أخرى، له في المثال اليوناني درس مهمّ.
إن من حق الشعب التونسي أن يكون له رأي مباشر، في كل القضايا التي تهمّ حاضره ومستقبله، ومن بينها قضية المديونية والشروط والسياسات المدمّرة التي يريد صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي فرضها على بلادنا، والتي يقبل بها الائتلاف اليميني الحالي ويتحيّن الفرص لتمريرها وفرضها.
عن مجلس الأمناء