المظاهرات السّلميّة ممنوعة،،، جلسات البرلمان حول هذا الموضوع يجب أن تكون سريّة،،، المصالحة يجب أن تقع الآن وهنا بالصّيغ التي يرتضيها الحاكمون،،، الوعود الانتخابيّة حبر على حبر على ورق،،، ملفّ الشّهيدين شكري بالعيد والحاج البراهمي يراوح مكانه وربّما استعصى أمره،،، لذلك يجب نسيانه،،، وزير التّشغيل في شغل عن النّاس،،، الاتّحاد العامّ التّونسيّ للشّغل وطنيّ إذا أرسى هدنة اجتماعيّة،،، وإذا لم يُرسِ هذه الهدنة فأمره مشكوك فيه،،،
ما الذي حدث؟؟؟
خرج النّاس هاتفين “”خبز حريّة كرامة وطنيّة”” لم يكونوا يبيتون على الطّوى-وإن كان هناك جائعون-كانوا يعنون بالخبز: الأرض التّي تنبت فيها الخبز،،، والعمل الذي لا يكون الخبز إلاّ به،،، وتونس التي لا تنشأ بينهم وبينها علاقة حميمة إلاّ بما يكون من خبز وكرامة،،،
هل كانوا يحلمون؟؟؟
وهل ثمّة شيء لا يبدأ من الحلم؟؟؟
ولكن قد يتحوّل الحلم إلى كابوس،،،
هل سنعود إلى الخوف؟؟؟ وإلى تهديد النّظام العامّ والتآمر على أمن الدّولة؟؟؟
إذا كانت السّلطة تمارس خوفها على الحكّام فإنّها لم تعد تمارس خوفها على المحكومين،،،ما الذي سيحدث أفظع من الاغتيال والرشّ و”الكرطوش”؟؟؟
لماذا تنتهي أحلام العرب بسرعة دائما؟؟؟
“””بجسم واهن، نصفه صلاة ونصفه طغاة لا يزال موج التّاريخ ينزلق على صخرة لا تزال غامضة
إنّه التّاريخ يتقيّأ الورق الذي كتبه معتذرا للغابات التي جاء منها
معتذرا للموتى والمعذّبين والأبجديّة”””
هذا بعض ممّا قاله أدونيس في رثاء الطّفل “المكبوب” على وجهه،،، إيلان الكرديّ الموغل في حياة لا يعرف طعمها الآخرون،،، الذين أجبروه على الهجرة وباعوا إنسانيّتهم بأوهام لا تستطيع أن تستقرّ على الأرض أو أن تصعد إلى السّماء،،،
من سنرثي نحن؟؟؟
نرثي شهداءنا أم أنفسنا أم وطنا استأنف هجرته نحو الآخرين،،، وتركنا في عراء الشّعارات والهتاف،،،
كيف نستردّ هذا الوطن؟؟؟
هذا هو السّؤال الفادح،،،
قد تتعدّد الأجوبة ولكن الثّابت هو أنّه علينا أن تستردّ هذا الوطن كي لا يوغل أكثر في الدّماء والظّلام،،،
هل سيذكر التّاريخ من خطّوا بدمائهم إسما جديدا للوطن ،،، ومن كان يرقص وراء تلك الدّماء في انتظار أن يرسموا خريطة أخرى،،،
هل كانت الأرض ستحتمل أقدامهم أكثر؟؟؟ إلى أين يتّجهون؟؟؟
بوصلتهم لا تشير إلى مكان ما لأنّهم لا يقيمون في أيّ مكان، يقيمون على الحدود دائما، يأتون دائما مع حيرة السّؤال ولكنّهم لا يعرفون جوابا لأيّ سؤال.
الآن تُرسم خرائط جديدة برؤوس البشر وأشلائهم،، سيأتيكم رسّامو هذه الخرائط،، لأنّ حبرهم جفّ هناك.
من سيشاركهم الرّسم والتّلوين؟؟
كثيرون مختبئون في الزّوايا الحادّة والمنفرجة:
اشتدّي أزمة تنفرجي ///// قد آذن ليلكُ بالبلج
وهل ثمّة ما هو أبلج ممّا نحن فيه؟؟؟
يعود الجماعة بلباس جديد وعطور أخرى. وعلينا أن نستقبلهم بنشيد:
صلوات اللّه على المهديّ//// الهادي النّاس الى النَّهَج
أنتم لا تعرفون ما الذي ينتظركم وماذا نخبّئ لكم،،، نحن أعرف بمصالحكم ومعاشكم ومنامكم وظنونكم،،،
فلماذا لا تعترفون لنا بفضلنا عليكم؟؟؟ ومتى ستعرفون أنّا الأصلح لهذا الوطن؟؟؟
-ودماء الشّهداء وتباريح الجرحى وعرق الهاتفين،،، ودموع الأمّهات يودّعن أكبادهنّ ويحفرن قبورهم بأيديهنّ؟؟؟
-لم يكن ذلك إلاّ “”بروفة”” لمعرفة ما حدث وما الذي سيحدث؟؟؟
سيستفيق النّاس من غفوتهم ليعرفوا أنّ البلاد قلبتْ سافلها على عاليها،،، ليعود عاليها عليها،،، ويعود سافلها إلى الأسفل سيدركون أنّ ما اختاروه لم يكن إلاّ ” preuve” على أنّهم لا يحسنون الاختيار.
لقد شَغَلَت النّاسَ كَثرَةُ الأمَلِ،،، وفاتَهم أنّ أملاً بلا أجل،،، كالغرق أو غرق في الوحل.
(عمر حفيّظ: ناشط حقوقي وناقد أدبي)