منذ أكثر من 13 أشهر وعائلتي زميلينا سفيان الشورابي ونذير القطاري وكافة الشعب التونسي يعيشون على وقع أنباء متضاربة حول مصيرهما. ومع تصاعد وتيرة الأخبار المفرحة في الأسابيع الماضية حول قرب إطلاق سراحهما و عودتهما سالمين إلى تونس اتّسعت دائرة الترقب حتى أن الكثير يبني آمالا على خطاب رئيس الجمهورية اليوم عساه يزفّ إلينا الخبر الذي يمكن أن يفعل فينا ما لم تفعل جائزة نوبل.
ولكن طيلة هذه المدة كان القطاع الصحفي ومنظمات المجتمع المدني والدولي يبذل مجهودات جبارة من أجل كشف الحقيقة في الملف متلافيا في ذلك لامبالاة السلطة التونسية وترددها، فتم بعث خلية أزمة في نقابة الصحفيين عملت على إطلاق سراحهما مساء 07 سبتمبر 2014، تم تحويلها بعد ذلك إلى لجنة لكشف الحقيقة في مصيرهما ضمت 14 منظمة وطنية ودولية.
وقد عملت هذه اللجنة على القيام بحملة واسعة وطنيا ودوليا وصلب الهيئات الأممية، مثلما سعت إلى الإتصال بكل أطراف الصراع في ليبيا في الموضوع.
وقد نظمت تنسيقية تلك المنظمات لقاءات مع وزراء الداخلية والعدل والخارجية والوزير المكلف بالعلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني، ورئيس مجلس نواب الشعب من أجل تحفيزهم بلعب أدوارهم الحقيقية في الملف. ورغم أن التنسيقية طالبت مجلس نواب الشعب بمساءلة والاستماع إلى جميع المسؤولين في هذه القضية، منذ تاريخ اختفاء سفيان ونذير، ومؤكدة على ضرورة نشر نتائج جلسات الاستماع العامة، فإنها اقترحت تكوين “اللجنة الوطنية المشتركة لكشف الحقيقة في اختفاء الصحفيين التونسيين سفيان الشورابي ونذير القطاري” على أن تضم:
– ممثلا عن وزارة الشؤون الخارجية.
– ممثلا عن وزارة الداخلية.
– ممثلا عن وزارة العدل.
– ممثلا عن الوزير المكلف بالعلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني.
– ممثلا عن وزارة الدفاع الوطني.
– 03 ممثلين عن التنسيقية المدنية من بينهم محامي
وأن تعمل على جمع المعلومات وتحليلها واستثمارها ورفع تقاريرها إلى هياكل الدولة في مختلف الوزارات للإعلام والاستشارة واتخاذ القرارات المرتبطة بالمسائل السيادية، بالإضافة إلى الإحاطة بعائلتي الصحفيين المختفيين.
وقد تمّ اقتراح أن يكون للجنة المشتركة ناطقا رسميا باسمها لتفادي نشر الأخبار المتضاربة والمسمومة، ولوضع حد للإستغلال السياسوي للملف.
ولقد كان للتنسيقية صبيحة الأحد 08 سبتمبر 2015 لقاء مع رئيس الجمهورية الذي وافق على إعلان 8 سبتمبر يوماً وطنياً لحماية الصحفيين، وعلى تشكيل اللجنة الوطنية المشتركة.
وقد أعلنت رئاسة الحكومة في نفس اليوم عن قرارها تشكيل اللجنة المشتركة بنفس التصور الذي اقترحه المجتمع المدني.
وقد قامت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين منذ ذلك اليوم بالعديد من الإتصالات برئاسة الحكومة من أجل إصدار الأمر بتشكيل اللجنة المشتركة إلا أنها لم تجد لحدّ اللحظة التجاوب المطلوب في مواصلة لنفس النهج القديم في التغافل عن التعاطي الناجع مع قضية مصيرية.
ومع تصاعد الأخبار المتفائلة بشأن الزميلين يذهب البعض إلى التأكيد على أنّ التغافل عن تكوين اللجنة يأتي في إطار قرب رجوع الزميلين ورغبة السلطة في “إحتكار الإنجاز”- الذي لا يمكن إلا أن نسعد له-.
غير أنه حتى تلك اللحظة مطالبة السلطة بوصفها الحامي القانوني لكل أبنائها وبناتها في الداخل والخارج، بالعمل على تجاوز الغموض الذي يلف الموضوع، والكف عن التلاعب بمشاعر عائلتي صحافيّينا من خلال التصريحات المتناقضة لأكثر من مسؤول حكومي، والتعجيل بتكوين اللجنة المشتركة.
الفاهم بوكدّوس
المدير التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيّين