صوت الشعب صوت الحقيقة
ويتواصل التّبشير بالثّقافة الجديدة.. ثقافة الرّبيع العربي الذي جعلت منه الحركات الظّلاميّة ربيعا أسود.. وها هوالوطن العربي يرتدي ثوب الحداد ويتوضّأ بدماء أبنائه الذين يذبحون غدرا بسكاكين الإسلام السياسي وبأسلحة أمريكيّة الصّنع.. التّاريخ يعيد نفسه في شكل مجزرة. الثّورة الوهّابيّة التي قسّمت شبه الجزيرة العربية إلى ممالك وإمارات وهّابيّة تقاسمها عملاء بريطانيا من آل سعود، نفس السيناريو يتكرّر اليوم لمزيد التقسيم والتّجزئة تقسيم الأرض وتقسيم الشّعب العربي وتفريقه إلى ملل ونحل متناحرة، نفس المبدأ الاستعماري “فرّق تسد”.
ويتمّ التّفريق وضرب الوحدة والتّضامن بتصنيف وتمييز بين مسلم كافر بين سنّي وشيعي وبين مختلف الأديان والأعراق والقبلية التي يتمّ تحييرها وتجييش الجماهير لتتصارع حول هويّات وهميّة وأفكار أكثر زيفا وتعصّبا..
تتجلّى أزمة الرّجعيّات العربيّة في لجوئها إلى العنف لأنها استشعرت خطر نهايتها وانتفاضة الشّعوب ضدّها وضدّ نهبها للثّروات والخيرات في مقابل تأزّم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفئات الشّعبيّة وارتهان الحكّام لبرامج وأجندات فرضتها السّياسات النيوليبرالية المتوحّشة للمؤسّسات الماليّة العالميّة.. هذا التناقض الطبقي الذي لا يمكن حله إلاّ بالقضاء على مافيوزات الاحتكار والتخلّص من التبعيّة بمختلف أشكالها ونشر الثّقافة الوطنيّة والتقدميّة.
إنّ اللّجوء إلى الإرهاب والتّطرّف والعنف هو الملجأ الأخير للقوى الرجعية لتحييد الشعوب عن صراعها الحقيقي في سبيل الحرية والعدالة الاجتماعية وفي سبيل التحرّر من ربقة الاستعمار والصهيونية العالمية..
يتمّ ضخّ المال القطري والاماراتي والسعودي لتجنيد آلاف الشباب، تلبّس بهم الفقر والجهل وتكلّست مشاعرهم وعقولهم ليصبحوا أدوات في أيدي الأجندات الأمريكية والصهيونية. وحوش آدميّة تتمّ صناعتها في مخابر التّدجيل ومراكز المخابرات العالمية. وجوامع تُستغلّ لبثّ الحقد والفتن والتحريض على القتل والسّبي. و”قوادة” من السياسيين الخونة الذين باعوا أنفسهم لخنازير النفط الوهّابي..
انتظرنا بعد ما يسمّى بالثورات العربية وإسقاط الديكتاتوريات أن ينفجر الحب ويعمّ السّلام والعدل بين الشعب.. لكن قوى الظلام والرجعية تأبى ذلك لأنها لا تنتعش إلاّ في مناخات العنف والفتن والتفرقة.. هكذا هم أعداء الشعب والوطن، أعداء الحياة.. الذين يرتعشون رعبا إذا اتّحد الشّعب.. يخافون الحب لأنه يُنذر بنهايتهم واندثار أفكارهم الظّلامية.. يخافون الحب لأنه طاقة ثورية ترفض العبودية والخضوع.. طاقة تتطلّع إلى الحرّية والحياة وتتحدّى الموت والجنائز.. يخافون الفن لأنه يؤسّس عالما آخر نقيضا لحياة القبر ونكاح الحوريات، يخافون العلم لأنه يكشف أكاذيبهم، يخافون الجمال لأنه يكشف مكبوتاتهم وعقدهم وأمراضهم النفسية، يخافون الأدب لأنّه يخلّد الإنسان، لهذا نجدهم يدمّرون كلّ أوجه الحياة بهمجية جهلهم، يحرقون الكتب ويدمّرون الآثار التاريخية وينصّبون محاكم التفتيش للكتاب والشعراء. فمن حكم على الشاعر الفلسطيني أشرف فياض بالإعدام؟ هم من يحكمون على الشّعوب برعب الإرهاب والذبح.. إنّهم يديرون التّوحّش في مختلف الأوطان لخلق الفوضى والتّمكّن من إقامة مشروعهم الظّلامي دولة الخلافة التي سيكونون فيها هم الأمراء وكلّ الشعوب عبيد…
إنّهم الوهّابيّون، جرذان وخدم الصهيونية بأرواحهم القذرة التي تعجز كلّ أمطار العالم عن تطهيرها.. ونحن أبناء الأرض والوطن والحضارة الممتدّة منذ ثلاثة آلاف سنة تعجز كلّ عواصف العالم عن اقتلاعنا.
فنحن“هنا باقون ما بقي الزعتر والزيتون”
(“صوت الشّعب”: العدد 186)
