بعد طول انتظار تمّ تركيز الهيئة الوطنيّة للوقاية من التّعذيب. وأعلن مجلس نوّاب الشّعب صبيحة يوم الأربعاء 30 مارس 2016 عن نتائج الانتخابات التي جرت داخله وعن قائمة الفائزين المتكوّنة من 16 عضوا. ومرّة أخرى أثبتت الانتخابات المذكورة أنّ الائتلاف الحاكم، رغم كلّ الاختلافات التي تشقّه والتّشرذم والانقسام الدّاخلي الذي تعرفه مكوّناته، عاد إلى التّماسك والانسجام كلّما تعلّق الأمر بالمحافظة واللّهث وراء المواقع.
فرغم بعض المماحكات بين “النداء” و”النهضة” ومحاولة كلّ طرف الانقلاب على الآخر وخاصّة في علاقة ببعض العناصر التي يبدو أنّها لم تُقبَل إلاّ على مضض من هذا الطرف أو ذاك، ممّا عطّل العملية الانتخابيّة لبعض الوقت وخاصة عندما أصرّت حركة النّهضة على فرز الصّندوق الأوّل والذي كان يخصّ مرشّحي المجتمع المدني قبل مواصلة عمليّة التّصويت في علاقة ببقيّة الأصناف، مالبث أن عاد الوفاق بينهما وتواصلت العملية الانتخابيّة بكلّ سلاسة وتحصّل 15 عضوا على الأغلبيّة المطلوبة، ولم يقع إعادة العملية الانتخابية في دور ثان إلاّ في علاقة بالصّنف الأوّل ليفوز ضياء الدين مورو الذي توقّعت حركة النهضة إسقاطه في الدور الأول، وصدق ظنّها.
هذا من ناحية ومن ناحية ثانية فقد تجسّد انسجام النّهضة والنّداء في الإصرار على إقصاء المناضلة الحقوقيّة راضية النصراوي ممّا شكّل خسارة كبيرة للهيئة وحرمها من كفاءة عالية لا يرقى إليها شكّ. وما يدعو إلى الاستغراب حقّا هو أنّ من كانت الأستاذة النصراوي تدافع عنهم ولا تدّخر أيّ جهد في ذلك، صوّتوا ضدّها وتواطؤوا مع جلاّديهم بتعلاّت واهية وغير مقنعة كالادّعاء بأنّها متحزّبة وانها ترشّحت ضمن قائمة “البديل الثوري” في انتخابات المجلس التأسيسي لسنة 2011 رغم أنّ الجميع يعلم أنّ القائمة المذكورة كانت قائمة ائتلافيّة وضمّت عديد العناصر المستقلّة إلى جانب مناضلات حزب العمال ومناضليه ولم تكن قائمة حزبيّة.
ومهما يكن من أمر فإنّ حركة النهضة لم تغنم كثيرا من لهثها وراء النداء ومن تواطئها مع الجلاّد وخاصة في علاقة بتركيبة الهيئة. وربّما لم تغنم أكثر من بقائها في الائتلاف الحاكم والتّحصّن به عن المحاسبة عمّا جرى في فترة حكمها من قمع وتوفير الأرضيّة المناسبة لتفاقم ظاهرة الإرهاب والاغتيالات السياسية التي طالت زعيمي الجبهة الشّعبية الشهيدين شكري بلعيد والحاج محمد البراهمي ولطفي نقض وغيرهم. وربّما كان ذلك هو المحدّد بالنسبة إليها.
إنّ راضية النصراوي وكلّ من آمن بالنضال ضدّ آفة التعذيب ومن أجل حقوق الإنسان واحترام الذّات البشرية سيواصل نضاله بكلّ تماسك مهما كان موقعه، داخل الهيئة الوطنية لمقاومة التعذيب أو خارجها.
عبد المومن بلعانس