تستعد حركة نداء تونس بحسب ما أعلنه أحد نوابها في البرلمان لاقتراح تنقيح الدستور وتوسيع صلاحيّات الرّئيس في الوقت الذي تحدّث فيه الباجي قائد السبسي عن ضرورة إعطاء الرئيس صلاحيّات أكبر، حركة نداء تونس التي فقدت الأغلبيّة في مجلس نواب الشعب 57 عضوا بعد استقالة 29 من كتلتها، ولم يعد من صلاحيّاتها وفق الدستور أن تختار الشخصيّة التي تتولّى رئاسة الحكومة في حال إجراء تغيير على التركيبة الحكوميّة، وأصبح ذلك بيد حركة النهضة صاحبة الـ69 مقعدا. وبإشارة لطفي زيتون القيادي في حركة النهضة في أحد التصريحات الإعلاميّة إلى إمكانيّة تغيير النظام وتمكين “رئيس قوي” من جملة من الصلاحيات حتى يتمكّن من تسيير البلاد وفق تعبيره، يُفهم عدم معارضة حركة النهضة (حليف نداء تونس في الحكم) لعملية التنقيح.
“صوت الشّعب” رصدت مواقف المتتبّعين والمهتمّين بالشأن الدستوري.
قيس سعيّد :
“الدّساتير في العالم العربي توضع على مقاس الحُكّام “
صرّح الخبير في القانون الدستوي الأستاذ قيس سعيّد بأنّه يستغرب الحديث عن تنقيح الدستور وإدخال تغييرات في النظام السّياسي، مشيرا إلى أنّ النظام تمّ الاصطلاح عليه منذ سنتين فقط، وأشار أنّ الهيئات الدستوريّة لم يتمّ تركيزها بعد. سعيّد تساءل ما إذا كان منافس رئيس الجمهوريّة الحالي في الدور الثاني للانتخابات الرئاسية (منصف المرزوقي) هو الفائز في الانتخابات الخيرة فهل كانت ستبرز فكرة تنقيح الدستور أو لا؟
سعيّد تساءل أيضا عن مصير الدستور بعد تنقيحه إن أفرزت الانتخابات القادمة توازنات سياسيّة أخرى غير التي تؤثّث المشهد السياسي الحالي، مشيرا إلى أنّ الإشكال الأساسي يتمثّل في أنّ الدّساتير في العالم العربي توضع على مقاس الحُكّام .
من جانب آخر أكّد قيس سعيّد أن لا وجود لنظام سياسي مثالي، ذكّر أنّه خلال حضوره في نقاشات لجنة السلطة التشريعية والتنفيذيّة والعلاقة بينهما في جلسات عمل المجلس الوطني التأسيسي طالب بتقسيم السلطات بشكل متوازن قبل الحديث عن تسمية أو توصيف النظام السّياسي .
جوهر بن مبارك:
“تعديل الدّستور لا يمكن أن يتمّ إلاّ عن طريق الاستفتاء”
وفي اتّصال “صوت الشّعب” برئيس شبكة دستورنا جوهر بن مبارك حول الموقف من تعديل صلاحيّات الرئيس قال إنّ “الصلاحيّات مضبوطة ولا يمكن التوسيع فيها ولا التقليص منها، فذلك غير ممكن إجرائيّا، مبدأ التعديل مرتبط بالمحكمة الدستوريّة والتي لم تنتصب بعد. من جهة ثانية فإنّ رئيس الجمهورية في برنامجه الانتخابي لم يعلم التونسيين بأنّه سيقوم بهذا الإجراء الخطير، إضافة إلى أنّ هذا التعديل ليس طفيفا يشمل فصلا أو فصلين، بل هو تعديل عميق يهمّ 60 بالمائة من الدستور ويمسّ النظام السياسي في البلاد ويأتي على ثلاثة أبواب: باب الحكومة وباب السّلطة التشريعيّة وباب رئاسة الجمهوريّة وبالتالي فإنّ كامل المنظومة الدستوريّة ستتم مراجعتها وهو ما يحتاج تفويضا شعبيّا لا يملكه الرّئيس الحالي وبالتالي فإنّ ذلك لا يمكن أن يتم إلاّ عبرالاستفتاء”.
وعن إمكانية حصول ذلك في قادم الأيّام أضاف بن مبارك :”التعديل لا يمكن أن يتمّ لاعتبارات ظرفيّة لا يمكن أن نقوم بتقييم للقوانين وفاعليّتها إثر مدة قصيرة. النظام السياسي التونسي وإن كان فيه بعض العيوب، فإنّ ذلك ليس مردّه القواعد الدستورية بل الأداء السياسي الرّديء لمؤسّسات السّلطة الذي لا ترتقي إلى الأداء الجيّد”.
وعن دور رئيس الجمهوريّة وكيفيّة استغلاله لصلاحيّاته الحاليّة، ينتقد جوهر بن مبارك ليقول:”اليوم كأنّنا نتحدث عن محاولة للهروب من المسؤوليات من قبل الطبقة السياسيّة الحاكمة غير القادرة عن إيجاد حلول وتريد تبرير عجزها بعدم فاعليّة ونجاعة القوانين وضرورة تغييرها. لكنّ ذلك خطأ. فالعيب الأكبر هو الأداء السّيّء للسّلطة التنفيذيّة. والنقطة التي يجب لفت الانتباه إليها، هي أنّ صلاحيّات الرئيس الآن ليست مستغلّة كما يجب. ليس هناك مبادرات تشريعية وعلى رئيس الجمهورية أن ينشّط العمل التشريعي، مثلا في فضّ الأزمة بين البرمان والهيئة الوقتيّة لمراقبة دستوريّة القوانين. رئيس الجمهورية لم يبادر ولم يستغلّ الصلاحيات المتوفّرة حاليّا في هذا الوقت، فكيف يطالب بصلاحيّات أكبر”؟
مراد الحمايدي:
“الحلّ ليس في شخص بل في الخيارات والتّوجّهات”
“صوت الشّعب” اتّصلت بعضو مجلس نواب الشعب عن الجبهة الشعبيّة مراد الحمايدي وعضو لجنة التشريع العام، فأفاد بأنّ الرباعي الحاكم قد برهن عن فشل كبير في إدارة البلاد والخيارات، وأنّ بعض الوجوه البارزة من حركة النهضة ومن نداء تونس تتحدث عن توسيع صلاحيات الرئيس في محاولة لإيجاد حلّ هلامي. وهي تتوهّم بأنّ إنقاذ البلاد يكون في الصّلاحيّات، في حين أنّ المسألة مرتبطة بالخيارات والتوجّهات، وهذا هو الفرق الجوهري. فبدلا من البحث عن الحل في التوجّهات والخيارات الاقتصاديّة والاجتماعيّة، يتمّ البحث عنه في شخوص وحصر ذلك في شخص واحد، وهو ما يعكس عقليّة الزّعيم الواحد والحزب الواحد والحلّ الواحد، لتبرز هنا حالة الإحباط لدى الفريق الحاكم الذي يتصوّر إيجاد الحل في شخص واحد، كما أنّ تقييم الدستور يحتاج إلى فترة محترمة تخوّل ذلك وليس في سنة أو سنتين.
إعداد أماني ذويب