أودع 4 شبان عاطلين عن العمل من جزيرة قرقنة السجن المدني بصفاقس بعد إحالتهم على قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية يوم الثلاثاء 5 أفريل 2016 .
وتمّ إصدار بطاقات تفتيش في حقّ 13 شابا آخر بتهمة “تكوين وفاق قصد الاعتداء على الأشخاص والأملاك وغلق منافذ الطريق ورشق السيارات الأمنية بالمواد الصلبة والملتهبة والاعتداء بالعنف الشديد على موظف عمومي خلال مباشرته لوظيفته والتحريض على العصيان المدني وإحداث الهرج والتشويش بالطريق العام”.
هذا إضافة إلى القضية الثانية التي رفعتها شركة “بيتروفاك” المختصة في النفط والغاز، ضدّ 10 من الشباب المعطّل عن العمل والمطالب بالشغل والحرية والكرامة الوطنية .
هذه الإيقافات جاءت مباشرة إثر التدخل الأمني الهمجي الذي كان في الليلة الفاصلة بين 3 و4 أفريل2016 بعد أن أُمطرت قرية ملّيتة بوابل من القنابل المسيلة للدموع والتهجم على الأهالي وترويعهم، وذلك بهدف فكّ الاعتصام الذي ينفّذه عدد من العاطلين عن العمل من أصحاب الشهائد العليا منذ 19 جانفي 2016.
هذا التحرّك كان نتيجة لسياسة المماطلة والتسويف التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة في علاقة بملفات أصحاب الشهائد العليا والذين نفّذوا اعتصاما سابقا سنة 2015 تُوّج في أفريل من نفس السنة باتفاق يقضي بتشغيل الشباب ضمن مؤسسات عمومية ويتقاضون أجورهم من شركة “بيتروفاك” وإن كانت زهيدة ودون أن يتمتعوا بتغطية اجتماعية.
محاصرة الجزيرة
إجابة السلط المحليّة والجهوية على مطالب المحتجّين تمثّلت في إرسال أكثر من 700 عون أمن، حاصروا المدينة وتحرّشوا بالأهالي وأوقفوا عددا من المحتجّين وقاموا بتعذيبهم.
وهو ما خلق حالة من التوتر والاحتقان لدى الأهالي الذين يطالبون بوقفة من قبل كلّ القوى التقدمية والديمقراطية من أجل إطلاق سراح الموقوفين دون قيد أو شرط وإيقاف كلّ التتبّعات العدلية في علاقة بملف “بيتروفاك” بصفة عامة ورفع الحصار عن الجزيرة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ التعزيزات الأمنية مازالت تتوافد على الجزيرة.
حالات تعذيب
وفيما يتعلّق بحدوث حالات تعذيب، قالت الأستاذة سميّة دحمان، عن لجنة الدفاع عن الموقوفين في تصريح لـ”صوت الشعب” إنّ حاكم التحقيق قد عاين آثار عنف على جسد اثنين من الموقوفين الأربعة، وهما أحمد السويسي وأحمد سعدون، وأذن بعرضهما على الفحص الطبي، وهو ما طالب به لسان الدفاع عن الموقوفين.
وأضافت الأستاذة دحمان أنّهما تعرّضا إلى التعذيب وإلى الإهانة من قبل أعوان الأمن مشيرة إلى أنّ الاعتصام الذي نفّذه عدد من حاملي الشهائد العاطلين عن العمل كان مدنيّا وسلميّا وليس هناك أيّ دليل على قيامهم بتجاوزات، وذلك إثر تنكّر شركة “بتروفاك” ووزارة الشؤون الاجتماعية للاتّفاق الذي يقضي بتشغيل عدد من كتعويض عن الأضرار البيولوجيّة والبيئية التي تحدثها الشركة في قرقنة.
التّعاطي الأمني مع مطالب المعتصمين
وعبّرت الأستاذة دحمان عن استيائها من التعتيم الإعلامي ومن اللّجوء إلى الحلّ الأمني في التّعاطي مع مطالب المعتصمين وهو ما قد ينذر بتأزّم الوضعيّة وتأجيج المواجهات خصوصا وأنّ الأهالي لم يشهدوا من قبل ذلك الحضور الأمني وذلك الحصار الذي استعملت فيه المدرّعات والدرّاجات الناريّة والسيارات بشكل أشبه بحالة حرب، وذلك على حدّ تعبيرها.
وأبرزت أنّ نشطاء المجتمع المدني يحاولون التهدئة واحتواء الأزمة خصوصا وأنّ الأهالي يعيشون في حالة احتقان كبيرة في ظلّ عدم سعي السلط المحليّة والجهويّة إلى إيجاد الحلول.
الاستعمال المفرط للقوّة
من جانبه أكّد الأستاذ زبير الوحيشي، رئيس فرع صفاقس للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان لـ”صوت الشعب”، أنّ المعاينات التي قام بها فريق الدفاع تثبت تورّط قوات الأمن في الاستعمال المفرط للقوّة مع المحتجيّن السلميين.
وأضاف الأستاذ الوحيشي أنّ أحمد السويسي تعرّض إلى التعذيب وأنّ آثار العنف والكدمات تغطيّ كامل جسمه. وقد تمّ استنطاقه وهو مغلول اليدين وأُجبر على إمضاء محضر تضمّن اعترافات بأعمال عنف وتجاوزات لم يقم بها.
وحول زيارة وفد عن رابطة حقوق الإنسان أفاد الوحيشي أنّها ستفضي إلى تقرير مفصّل حول الأحداث بعد أن يتمّ سماع شهادات عائلات الموقوفين والمحتجّين ومنسّق اتّحاد أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل إضافة إلى السلط المحليّة والأمنيّة.
لطفي الوافي