فاتن حمدي
بحضور حمّه الهمامي الناطق الرسمي للجبهة الشعبية، التقى صباح الأربعاء 11 ماي الجاري بمقرّ مجلس النوّاب وفد عن المجلس المركزي بالكتلة البرلمانية للجبهة الشعبية.
وأدان وفد المجلس المركزي الذي ضمّ كل من زهير حمدي وآسيا الحاج سالم وضحى بوستة تحوّل البرلمان إلى راع لمصالح صندوق النقد الدولي والمؤسّسات المالية الدولية، مؤكّدا على أهمية مقاومة هذا التمشّي الخطير الذي يرهن البلاد لهذه المؤسّسات على حساب سيادتها وعلى حساب مصالح الشعب.
وقد أطلع رئيس الكتلة احمد الصدّيق الحاضرون على التطوّرات الحاصلة بالمجلس منذ يوم الثلاثاء 10 ماي الجاري وعلى المواقف التّي اتخذتها الجبهة. وقد عبّر وفد المجلس المركزي عن تنديده لهذا الخرق الذي بيّن عدم احترام الأغلبية للدستور وللقانون وللنظام الداخلي للمجلس، داعيا كلّ القوى الديمقراطية للتصدّي لهذه الممارسات التي من شأنها إجهاض التجربة الديمقراطية التونسية في المهد.
ويأتي هذا اللقاء بعد انسحاب كتلة الجبهة يوم الثلاثاء الفارط من الجلسة العامة لمجلس النواب احتجاجا على خرق الأغلبية بالمجلس، النظام الداخلي وفرض نقاش عام حول قانون البنوك الذي كان مقررا ليوم 24 ماي، بذريعة أنّ صندوق النقد الدولي يطالب بهذا القانون قبل يوم 13 ماي 2016.
الجبهة الشّعبيّة تعلّق حضورها في الجلسة العامة لمناقشة قانون البنوك والمؤسّسات الماليّة
قّررت كتلة الجبهة الشعبية بمجلس النوّاب تعليق حضورها في الجلسة العامة المخصّصة للنظر في مشروع القانون المتعلّق بالبنوك والمؤسّسات المالية، داعية رئاسة المجلس وأعضاءه إلى العدول عن تصويتهم بتغيير جدول الأعمال المخالف للقانون.
كما أدانت الكتلة في بيانها الصادر يوم 10 ماي الجاري سلوك الأغلبية البرلمانية الساعي إلى تمرير حزمة قوانين بشكل ارتجالي ومستعجل وفي دوس كامل لأحكام النظام الداخلي إرضاء للإملاءات الأجنبية.
كما دعت كلّ القوى الوطنية والديمقراطية الحريصة على احترام المؤسسات والإجراءات الدستورية والمتمسّكة بالسيادة الوطنية إلى التحرّك العاجل والتصدّي لسياسة الائتلاف الحاكم في الهروب إلى الأمام.
للتذكير، فقد قرّر مكتب مجلس النوّاب في اجتماعه مع رؤساء الكتل يوم الاثنين 9 ماي الجاري تغيير جدول أعمال الجلسة العامة المقرّرة ليوم 10 ماي والمحدّدة والمنشورة سلفا منذ تاريخ 2 ماي 2016 وذلك بإقحام مشروع يتعلّق بالبنوك والمؤسّسات المالية رغم أنّ مكتب لجنة المالية لم تنته من إصدار التقرير المتعلّق به والانتهاء من الصياغة النهائية له إلاّ دقائق قبل اتّخاذ القرار.
للتذكير، ينصّ النظام الداخلي لمجلس النوّاب وتحديدا الفصل 85 على ضرورة نشر تقارير اللجان ومشاريع القوانين قبل 12 يوما على الأقلّ من تاريخ البدء بالمناقشة في الجلسة العامة وكذلك الفصل عدد 138 الذي يستوجب إعلام أعضاء المجلس بجدول الأعمال أسبوعا على الأقلّ قبل الجلسة العامة والذي يشترط أيضا في حالات الاستعجال أن لا يكون اختصار الآجال أقلّ من 48 ساعة.
عمّار عمروسية: لن نكون شهود زور للاستجابة إلى إرادة غير إرادة التّونسيّين
قال عمّار عمروسية النائب عن الجبهة الشعبية بمجلس النوّاب إنّ ما شهدته الجلسة العامة ليوم الثلاثاء 10 ماي الجاري ليست المرّة الأولى التي يقع فيها توتّر وإهدار للوقت. وهو ما يعكس أنّ توجّهات المجلس وسياسة الحكم في جهة وواقع البلاد في جهة أخرى.
عمروسية وفي ذات المداخلة في الجلسة العامة المخصّصة لمناقشة قانون البنوك والمؤسّسات المالية، حمّل مكتب المجلس المسؤولية في تغيير جدول أعمال الجلسة في آخر وقت، مؤكّدا أنّ نوّاب الجبهة لن يكونوا شهود زور للاستجابة إلى إرادة غير إرادة التونسيين.
وأضاف أنّ من ناحية القانون والمنطق فهناك خرق للنظام الداخلي للمجلس، وإنّ ما يحصل هو فضيحة كبرى، متسائلا “هل أنّ ولاء المجلس لشعبه ولسيادته الوطنية أم لمجلس إدارة صندوق النقد الدولي، مشيرا إلى أنّ ما يحصل اليوم يدلّ على أنّ هناك تكتّلات وائتلاف حاكم ولاءه لجهات أخرى، وأنّ هناك مأزق أخلاقي وقيمي وسياسي.
عمروسية ذكّر أنّه طلب في السابق بأن يتمّ النظر إلى واقع البلاد والاعتصامات والإضرابات والتعطّل، وأنّ ما يحصل يُعِدّ إلى أيّام جديدة عصيبة ستعصف بالطغاة الجدد.
أيمن العلوي: الخلاف سياسي وعميق بين إرادتين
خلال الجلسة العامة المخصّصة لمناقشة قانون البنوك والمؤسّسات المالية، نوّه أيمن العلوي النائب عن الجبهة الشعبية بأنّ القانون ليس أهم من هيبة مجلس النوّاب وسيادته وكرامة النوّاب وليس أهمّ من بناء الديمقراطية في تونس وسيادتها، مشيرا أنّ الخلاف الحاصل ليس بخصوص تأويل النظام الداخلي أو القانون بل هو خلاف سياسي عميق بين إرادتين.
العلوي أكّد أنّ إرادة الديمقراطية أقوى بكثير من إرادة الديكتاتورية ومن إرجاع المجلس إلى مقبرة، وأنّ كتلة الجبهة الشعبية لن تسمح بتجاوز النظام الداخلي والاعتداء على سيادة تونس وبتمرير حزمة قوانين، التي وحتى في عهد الدكتاتور بن علي فقد كان يخجل من أن يقول إنها إملاءات صندوق النقد الدولي، في المقابل هناك تبجّح اليوم بأنّ تونس هي فرع من فروع هذا الصندوق.
واعتبر العلوي أنّ ما يحصل بالمجلس مخجل أمام تضحيات الشهداء وأجيال كاملة، معبّرا عن استعداد الجبهة ونوّابها للتصدّي لمثل هذه المشاريع والسياسات المعادية للشعب التونسي.
شفيق العيّادي: هناك ضرب للعمل الدّيمقراطي داخل المجلس
من جانبه أكّد النائب شفيق العيادي خلال ذات الجلسة العامة أنّ كتلة الجبهة الشعبية مصرّة على موقفها بخصوص فرض مناقشة قانون البنوك والمؤسّسات المالية، وقد قام نوّابها بتسجيل حضورهم في الجلسة العامة إيمانا منهم بأنّهم أعضاء كاملي الحقوق في المجلس.
وأضاف العيادي أنّه ونظرا إلى تعنّت رئاسة المجلس وكتل الائتلاف الحاكمة الماسكة بأمور المجلس ودوسها المتواصل على النظام الداخلي، فقد قرّرت الكتلة تعليق حضورها في الجلسة العامّة، منبّها أنّ هذا يُعَدّ خطرا من شأنه أن يضرب في الصميم العمل الديمقراطي لمجلس النوّاب.
أحمد الصدّيق: تحويل وجهة الجلسة العامّة نحو إملاءات صندوق النّقد الدّولي فضيحة الائتلاف الحاكم
من جانبه قال رئيس كتلة الجبهة الشعبية بالمجلس أحمد الصدّيق أنّ تغيير جدول الأعمال يبيّن بوضوح بأنّ مكتب المجلس لا يمتلك جزء كبيرا من قراراته. فقد قام ببرمجة جدول أعماله ومشاريع قوانين سينظر فيها حسب أجندة مسبقة ومرسلة إلى الحكومة حسب ما يقتضيه النظام الداخلي للمجلس والتقاليد والأعراف بين البرلمان والحكومة ثمّ يتغيّر كلّ شي نتيجة ارتباك وعدم دقّة في البرمجة تعود بالأساس إلى أداء حكومي مرتجل، مما انعكس على وضع المجلس وحقيقة النظام البرلماني.
الصديق أضاف أنّ مشروع قانون البنوك والمؤسّسات المالية المتضمّن لأكثر من 190 فصلا كان مبرمجا للمناقشة خلال الجلسة التي ستعقد يوم 24 ماي الجاري لكن تمّ توزيعه مساء الاثنين 9 ماي الجاري أي قبل ليلة من انعقاد الجلسة العامة، معتبرا هذا التمشّي استهتارا واستنقاصا من قيمة مجلس النوّاب وللنظام الدستوري الذي تمّ اختياره ومن دور المجلس.
كما وصف الصديق مشروع القانون المحال على الجلسة العامة بالمهزلة، فقد تمّ تمريره في أقلّ من 24 ساعة وسحبه من لجنة المالية قبل إتمام النقاش حوله، مذكّرا أنّ الجلسة العامة تخصّص للنقاش العميق حول القوانين، معبّرا عن رفض الكتلة لتغيير جدول الأعمال ورفضها للخضوع لإملاءات صندوق النقد الدولي، محمّلا مسؤولية فوات أجل مناقشته للحكومة وليس لمجلس النوّاب وأنّ الجبهة لن تشارك في هذه المهزلة.
من جانب آخر، وفي ردّه على تصريح رئيس كتلة حركة النهضة القائل بأنّ مكتب المجلس قد توصّل إلى اتّفاق حول تمرير القانون للجلسة العامة ولم يكن هناك اعتراض مبدئي على تغيير جدول الأعمال، أكّد الصدّيق أنّه وصحبة النائب نزار عمامي بصفتهما أعضاء بمكتب المجلس فقد تمّ تقديم اعتراض كتلة الجبهة على هذا التمشّي، ولكن لم يجدا سبيلا لإقناع بقية الأعضاء، مضيفا بأنّ هناك قرار مسبق داخل مكتب المجلس بتمرير هذا القانون.
وأضاف الصدّيق أنّ رفض الكتلة يعود إلى خرق النظام الداخلي خاصة في الفصل عدد 85، إضافة إلى اختصار الآجال دون 48 ساعة.