ينعقد المؤتمر 23 للاتحاد العام التونسي للشغل أيام 22و23و24و25 جانفي 2017 بتونس العاصمة والبلاد تعيش على وقع أزمة خطيرة ويمكن أن تكون أخطر خلال الأشهر القليلة القادمة فعلى المستوى الاقتصادي تمرّ البلاد بأزمة حادة وتتجه كل المؤشرات الاقتصادية إلى الانهيار ميزتها البارزة تراجع في نسبة النمو وعجز الميزانية والميزان التجاري وشح السيولة البنكية وتراجع الإنتاج العام وارتفاع معدلات البطالة والتضخم والفقر وينتظر في ظلّهذه الحقائق أن تعرف كل الموازنات الاقتصادية مزيدا من الانخرام مما انجرّ عنه تعقيد على المستوى الاجتماعي الذي أدّى إلى تصاعد وتيرة الاحتجاج الاجتماعي
أمّا على الصّعيد السياسي فإنّالائتلاف الحاكم قد أظهر عجزا فادحا في مواجهة صعوبات الوضع وفشلا ذريعا في معالجته وأظهر فشله حتى في الحفاظ على وحدته كائتلاف، وقد تجلّى ذلك بالملموس أثناء التصويت على الميزانية العامة لسنة 2017 بل أكثر من ذلك فإن الحزب الحاكم بدوره عجز على المحافظة على وحدته فقد شهد العديد من الانشقاقات
وللتغطية على هذا التأزّم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، بدأت السلطة تكشف عن وجهها القمعي حيال التحركات الاجتماعية ظنّا منها أن القمع هو السبيل الأنجع لإخمادها، وقد طالت أعمال العنف البوليسي أغلب التحرّكات التي شهدتها بعض الجهات تمثّلت في اللّجوء إلى افتعال المحاكمات ضدّ الشباب والنقابين ولعل آخرها الاعتداء الوحشيالذي تعرّض إليه المفروزين أمنيا.
إنّ انعقاد المؤتمر 23 للاتحاد العام التونسي للشغل يكتسي أهمية بالغة لأنه يأتي من حيث توقيته ومن حيث المناخ الاجتماعي، في فترة انتقالية حساسة. فبعد أن فشلت الحكومات المتعاقبة ما بعد 14 جانفي في الحد من تأثير الاتحاد في المشهد العام من خلال شيطنته والاعتداء عليه من خارج الهياكل، فإنّالأحزاب الحاكمة ستسعى لاختراق المنظمة من الداخل في المؤتمر 23 للاتحاد العام التونسي للشغل، وهذا ما صرح به وزير التربية الذي ينتمي إلى حزب نداء تونس في اجتماع بإحدى جهات الساحل خلال الفترة القليلة الماضيةوربّما ستعمل هذه الأحزاب على أن يفرز هذا المؤتمر قيادة قريبة منهم أو على الأقل قيادة لا تعاديهم وقابلة للتفاهموالوفاق معهم، لأن موقف الاتّحاد من كل الخيرات التي ستقدم عليها سيكون محدّدا، وهي في حقيقة الأمر خيارات ستتضرّر منها الطبقات الضعيفة والمهمشة.
ومن هذه الزاوية فإن هذا المؤتمر يطرح على نوابه مسؤولية تاريخية لا يجوز فيها الخطأ، وأن يعمل الجميععلى اختيار قيادة نقابية توافقية تضمّ كل القوى التقدّمية والدّيمقراطية المناضلة بهدف تعزيز الوحدة داخل المنظمة.وعلى نواب المؤتمر أيضا تعزيز مبادئ الاتّحاد ضمن لوائح المؤتمر، وهي مبادئ لا يجب “التهاون” في فرضها:
1ـ الاستقلالية:
إن مسألة استقلالية الاتّحاد كانت على مرّ التاريخ محلّ تجاذب بين مختلف القوى النقابية، وقد أدّى في فترة ما إلى التصادم مع السلطة وذلك خلال أزمة 1978 والمقصود بها استقلالية المنظمة عن الحزب (أو الائتلاف الحزبي) الحاكم وكل أجهزة الدولة.
على مؤتمري المؤتمر 23 التصدي لكل محاولات الهيمنة والتوظبف. كما عليهم الدّفع نحو إدراج انفتاح الاتحاد على مختلف الأحزاب السياسية والجمعيات والمنظّمات التي تقاسمه نفس الأهداف والمبادئ والتي تحترم استقلالية قراره ضمن لوائح المؤتمر،وذلك بهدف تطوير الحياة السّياسية والاقتصادية والاجتماعية وتحقيق تطلّعات ثورة 17 ديسمبر ـ14 جانفي.
2ـ الديمقراطية النقابية:
إن تعزيز الممارسة الديمقراطية صلب الاتحاد العام التونسي للشغل يتطلب أساسا إعادة النظر في هيكلته على قاعدة التخلي عن المركزية المشطة وتطوير قانونه الأساسي وضمان الممارسة الديمقراطية عبر إقرار مبدأ التداول على المسؤوليات النقابية وتحديدها بدورتين في الهياكل القيادية والوسطى مع تفعيل مبدأ التمثيل النسبي للمرأة في كافة الهياكل فمن غير المقبول اليوم منظمة ديمقراطية وتقدمية كالاتحاد العام التونسي للشغل تحرم فيه المٍرأة من احتلال المواقع القيادية صلبه.
كما أن دمقرطة الحياة النقابية يتطلب حتما إعادة الاعتبار لدور القطاعات وتمكينها من استقلالية القرار النضالي والتصرف في مواردها المالية المتأتية من عائدات الانخراط والعودة لمفهوم “اتحاد النقابات” الذي تأسّست عليه المنظمة في عهد فرحات حشاد أي الاتحاد الكنفدرالي للنقابات والقطاعات ذات القوانين الأساسية الخصوصية.
3ـ النضالية :
من حق أي نقابي أن يفتخر بالإرث النضالي والتاريخ النيّر للاتحاد العام التونسي للشغل الذي لعب عدة أدوار مهمّة في تاريخ تونس، حيث ساهم إلى جانب القوى الوطنية في مقاومة الاستعمار، إلى جانب مساهمته في تعبيد الطريقلثورة 17 ديسمبر -14 جانفي التي أطاحت بعرش الدكتاتورية، دون أن ننسى ما قام به الاتحاد في بناء تونس الحديثة.
وحتى بعد 14 جانفي فقد ساهم الاتحاد في إنقاذ تونس من الأخطار التي كانت تحدق بالبلاد، مما مكّنه من الإحراز على جائزة نوبل للسلام وهو اعتراف دولي بما قام به الاتحاد طيلة تلك الفترة.
واليوم فإن الاتحاد العام التونسي للشغل مطالب بالعمل على تطوير أدائه وتجذير ممارسته واستعادة جماهيريته ودعم نضاليته وذلك بإعادة الاعتبار لثقافة التضامن العمالي والتكاتف النقابي وذلك بإحداث صندوق للتضامن النقابي وخوض إضرابات المساندة وكل الأشكال الموحّدة بين القطاعات وتضمينها بالقانون الأساسي والنظام الداخلي حتّى يلعب دوره الوطني في التصدي للمشاريع الليبرالية المتوحّشة، التي لا مصلحة للعمال وللشعب فيها.
ظافر الصغير