تحيي مدينة بن قردان الذكرى الأولى لدحر جحافل “داعش” وهي تعيش على نفس الوتيرة الاقتصادية والاجتماعية رغم طوفان الوعود التي أغدقتها عليها حكومة الائتلاف اليميني الرجعي الحاكم والتي لم ينتظر مواطنو ومواطنات بن قردان طويلا بعد 7 مارس 2016 لكشف زيفها ليعودوا أسابيع قليلة بعد انقشاع غبار المعركة وغبار زيارات الوزراء ورئيس الجمهورية إلى الشوارع ليس لمواجهة “داعش” هذه المرة بل للاحتجاج على التسويف والتهميش والوعود الزائفة.
استعدادات نوفمبريّة
ولم تختلف زيارة رئيس الحكومة إلى ولاية مدنين المتزامنة مع إحياء الذكرى الأولى لملحمة بن قردان عن الزيارات السابقة حيث كانت مسبوقة باستعدادات ذات صبغة نوفمبرية مقيتة كانت محل تندّر وتهكّم المواطنين والمواطنات طيلة أسبوع كامل. لكنّ أصوات المفقّرين والمهمّشين في الجهة مزقت هذا القناع الذي حاولت السلطات الجهوية والمحلية أن تزيّن به زيارة رئيس الحكومة.
ففي مدنين المدينة اتّحدت معاناة وإرادة عمّال الحضائر وأصحاب الشهائد المعطّلين عن العمل والمفروزين أمنيا لاستقبال رئيس الحكومة بوقفة احتجاجية مندّدة بسياسة التّسويف والالتفاف على الاتّفاقيات، وقد التحق بها عدد من المواطنين.
أمّا في جربة المختنقة منذ سنوات بفعل التلوّث فقد عجزت التّرتيبات المسبقة عن تغطية عجز رئيس الحكومة عن تقديم حلول جدّية لمشكلة النفايات في جربة وتنفيذ ما تعهّدت به الحكومات السّابقة، بل إنّ رئيس الحكومة بدا كأنه هو من يبحث عن حلّ لدى المواطنين.
زيارة استعراضيّة ودعائيّة
أمّا في بن قردان التي كانت الهدف الرئيسي للزيارة منذ البداية للمشاركة في إحياء الذكرى الأولى لملحمة بن قردان فقد انكشف حتى قبل وصول رئيس الحكومة والوفد المرافق له الطابع الاستعراضي والدعائي للزيارة الذي أكّدته الإجراءات الهزيلة المتّخذة لفائدة بن قردان والتي لم تكن تتطلّب قدوم حتّى كاتب دولة وليس وفدا حكوميا يرأسه يوسف الشاهد الذي كلّف نفسه عناء السّفر لتدشين مسلخ بلدي ببن قردان ومركض للفروسية وربط المدينة بشبكة التطهير وبناء مركز للصندوق الوطني للتأمين على المرض وإعادة تهيئة المركب الرياضي والثقافي بالإضافة إلى انتداب فرد عن عائلة كلّ شهيد بعد مضيّ سنة كاملة عن الملحمة.
لقد جاء الشاهد إلى بن قردان ليأخذ وليس ليعطي، لقد جاء ليأخذ من ذكرى الملحمة وذاكرة المدينة جرعة معنوية عساها تنعشه في أزمته الحكومية الخانقة، لقد جاء الشاهد لينتزع رصيدا بطوليا لا حقّ له فيه في ظلّ عجز حكومته والائتلاف الرجعي الحاكم الذي ينتمي إليه عن طمأنة التونسيّين والتونسيّات بعدم تكرار ما وقع ببن قردان قبل سنة بوضع استراتيجية واضحة لا هوادة فيها في ظل تواطؤ الائتلاف الرجعي اليميني الحاكم في التستّر على مافيات التهريب والفساد التي حوّلت بن قردان وغيرها من المناطق الحدودية إلى رهينة لديها.
حبيب الزموري