لطفي الوافي
أزمة المجلس الأعلى للقضاء لم تجد بعد طريقها إلى الحلّ خصوصا في ظلّ إصرار السلطتين التنفيذية والتشريعيّة على تمرير مبادرة تشريعيّة لتنقيح قانون المجلس. وقد لاقت هذه المبادرة رفضا وانتقادات من قبل ثلثي أعضاء المجلس الذين تقدموا بدورهم بمبادرة وبعض الهياكل المهنيّة ومنظمات المجتمع المدني.
وفي تصريح لـ”صوت الشعب”، اعتبر الأستاذ عبد الكريم الراجح، المحامي وعضو المجلس الأعلى للقضاء أنّ الأزمة صلب المجلس انطلقت منذ أداء اليمين وأنّ الحكومة ممثّلة في وزارة العدل قد عمّقتها، مضيفا أنّ ثلثي الأعضاء قد تقدّموا بمبادرة توافقيّة من أجل تجاوز الأزمة لكنّ الحكومة تجاهلتها.
حيث اتّفق 28 عضوا من بين أعضاء المجلس الـ41 المنتخبين، على قبول التّرشيحات الثلاثة التي تقدّم بها رئيس المحكمة العقارية والرئيس الأول للمحكمة الإدارية ووكيل الرئيس الأول لدائرة المحاسبات.
وانتقد الراجح المبادرة التشريعيّة التي صادق عليها مجلس الوزراء والتي انتقلت على حدّ قوله “بسرعة البرق إلى مجلس نواب الشعب”، معتبرا إيّاها مخالفة للدستور وللقانون ولمبدأي الفصل بين السلط واستقلال القضاء، موضّحا أنها تضمّنت عددا من الإخلالات القانونيّة والدستوريّة الخطيرة، التي قامت بها أقليّة من أعضاء المجلس الأعلى للقضاء بغطاء سياسي من الحكومة، لعلّ أهمّها عدم قابليتها للطّعن القانوني بأيّ شكل من الأشكال، وهو ما اعتبره تجاوزا للسلطة وعدم احترام للحقّ الدستوري في التقاضي.
واعتبر ذلك تراجعا من قبل رئاسة الحكومة عن دعوتها أعضاء المجلس لإيجاد حلّ توافقي وانحياز لأقلية من أعضاء المجلس بهدف إفشال المبادرة التوافقيّة. وعبّر الراجح عن استهجانه للمبادرة الحكومية التي اعتبرها تدخّلا سافرا في سير القضاء الذي يحجّره الفصل 109 من الدستور.
ودعا الراجح منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية إلى الوقوف ضدّ المبادرة المذكورة. كما دعا أعضاء مجلس نواب الشعب إلى النأي بالسلطة التشريعية عن انتهاج حلول مخالفة لأحكام الدستور والمعاهدات الدوليّة التي صادقت عليها تونس وإلى رفض عرض المبادرة على الجلسة العامة.
وكان البرلمان قد صادق في أفريل 2016 على القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء كما تمّ انتخاب أعضاء المجلس يوم 23 أكتوبر 2016، لكن لم يتم تركيزه إلى اليوم رغم أداء الأعضاء المنتخبين اليمين يوم 14 ديسمبر 2016، وذلك بسبب خلافات حول عضويّة أعضاء المجلس المعيّنين الذين تمّت تسميتهم بصفتهم التي لم يتمّ بعد الحسم فيها مع رئاسة الحكومة.
وتنصّ المبادرة التشريعية التي تقدّمت بها الحكومة إلى مجلس نواب الشعب عن قيام رئيس مجلس نواب الشعب بالدعوة إلى انعقاد أول جلسة للمجلس في أجل أقصاه عشرة أيام من تاريخ دخول تنقيح وإتمام قانون المجلس الأعلى للقضاء حيّز التنفيذ و”لا تكون هذه الدعوة قابلة للطعن بأيّ وجه من الأوجه ولو بدعوى تجاوز السلطة”.