شريف الخرايفي
يستعدّ المئات من قدماء الاتّحاد العام لطلبة تونس واتّحاد المعطّلين عن العمل ممّن تضمّنتهم قائمة الإنصاف للفرز الأمني لخوض حركة احتجاجيّة تصعيديّة يوم الثلاثاء القادم بالقصبة، وذلك احتجاجا على انقلاب الحكومة على اتّفاق كانت قد أمضته معهم منذ 18 جانفي 2016 ويتضمّن بشكل واضح انتداب أعضاء هذه القائمة في غضون ستّة أشهر من تاريخ إمضاء هذا الاتّفاق.
“صوت الشعب” التقت بعض النشطاء من المفروزين أمنيّا لمعرفة برنامج نشاطهم في المدّة القادمة، حول سلوك الحكومة إزاء هذا الملفّ، والوقوف على خفايا أخرى وراء تلكّؤ الحكومة أو نيّتها الانقلاب على هذا الاتّفاق.
“المفروزون أمنيا قصّة خُطّت حروفها طيلة سنوات الجمر.. هم طلبة وتلاميذ وخرّيجو جامعات صدحت حناجرهم داخل أسوار الجامعات والمعاهد وفي الشّوارع، وخاضوا ملاحم عدّة ضدّ خيارات بن علي التي أثبت التاريخ والواقع لاشعبيّتها ولاوطنيّتها وعداءها للشعب وللوطن… ذاقوا كلّ أشكال الهرسلة والحصار والتّجويع والتّشريد والحرمان من العمل والدراسة عبر فبركة مجالس تأديب تعسّفية وسجن الكثير منهم وقطع رزق من يفلت من الرقابة… ولكن رغم كلّ ذلك لم يركعوا ولم يساوموا من أجل مبادئهم وقناعاتهم وظلّوا مع أبناء شعبهم إلى آخر عهد الرّئيس المخلوع…”، هكذا عرّفت كوثر عيّاري، وهي إحدى قائدات النضال الطلاّبي والشبابي زمن الاستبداد، قصّة الفرز الأمني.
وأضافت “أنّ الحكومات المتعاقبة بعد الثورة اتّبعت نفس المنهج وتواصل إقصاء مناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس واتّحاد المعطّلين عن العمل وحرمانهم من الشغل رغم مشاركاتهم المتعددة في كافة المناظرات”.
لم نسلم من دكتاتوريّة بن علي ولم تُنصِفنا حكومات ما بعد الثّورة
هذا ما خلُصت إليه هدى عمروسيّة، ناشطة نقابية وسياسيّة زمن الاستبداد، تعاني البطالة منذ قرابة عشر سنوات بسبب نضالها ومسؤوليّتها صلب الاتّحاد العام لطلبة تونس. حيث صرّحت لـ”صوت الشعب” أنّه “بعد سقوط نظام بن علي وتغيّر ا
لوضع والشأن العام بالبلاد كنّا نأمل أن يقع إنصافنا ونحظى بردّ الاعتبار لنا وذلك بأن نتمتّع بأبسط حقوقنا وهو العيش بكرامة واسترجاع حقّنا في التشغيل، لكن للأسف تتعاقب الحكومات ولا شيء يتغيّر سوى مزيد من الوعود الكاذبة والانقلابات على الاتفاقيات التي انتزعناها بنضالاتنا وخضنا معارك متعددة الأشكال، (إضراب عن الطعام لمرتين وتحركات ميدانية احتجاجية بين اعتصامات ومسيرات سلمية) لكن مع كلّ حكومة كنا نتعرّض إلى القمع والعنف لا لشيء سوى أنّنا طالبنا بحقوقنا وباحتر
ام الاتّفاق المم
ضى مع الحكومة بتاريخ 18 جانفي 2016″.
وتضيف عمروسيّة أنّ “ما يحصل بحقنا كمفروزين أمنيّا هو مظلمة بحجم الجريمة تتواصل معاناتنا منذ سنوات الجمر إلى ما بعد الثورة، تتغير الحكومات لكن السياسة المتّبعة لم تتغيّر… فرزنا متواصل وتعمّد عدم إنصافنا يعكس طبيعة الطرف الحاكم وموقفه من الحريات والعمل النقابي والسياسي وتخوّفه من الأصوات المعارضة عامة”.
“أسبوع المفروزين” تحضيرا لتحرّك القصبة
ينظّم المفروزون أمنيّا أسبوعا كاملا من النّشاط المتنوّع (ندوات، عروض موسيقيّة وفنيّة، توزيع مطويّات ومناشير تعرّف بقضيّتهم) ويتمّ تتويجه بتحرّك في العاصمة (القصبة) يوم الثلاثاء القادم.
حول أنشطة هذا الأسبوع يقول الناشط الطلابي والمعطّل عن العمل وليد المرداسي (وقد علّق منذ أيّام إضرابا عن الطعام مع زملائه جاوز الشهر) “إنّ ملف المفروزين لم يتقدّم ولو بخطوة واحدة رغم الاتفاق الأخير مع السيد عبيد البريكي، لكن كما يعلم يتمّ تغيير الوزير ووزارته كاملة، لهذا قرّرنا أن نجد حلا لهاته المهزلة تجاه السلطة فقلنا “#يزّي”
لقد انطلقنا في حملة “#يزّي” ويتداولها روّاد الفضاء الاجتماعي وحتّى بالغرافيتي، وخاض بعض زملائنا تحرّكات ميدانية ببعض الجهات (مدنين وجبنيانة ومكناسي ومنزل بوزيان) بتنظيم مشترك مع مناضلي اتّحاد المعطّلين وعمّال الحضائر وعملة الآليّات لأنّه تبيّن أنّ معاركنا مشتركة مادامت مطالبها من أجل العمل والكرامة، ومن يحرمنا من هذه الحقوق جهة واحدة، وهي الحكومة وخياراتها، لذلك لا بدّ من الوحدة ضدّها”.
المماطلة في تطبيق الاتّفاق يضمر تشفّي وانتقاما من شباب الثورة
وحول مدى استعداد الحكومة لتطبيق الاتّفاق الممضى مع المفروزين منذ أكثر من سنة، يقول مروان الميغري، عضو اللّجنة الوطنيّة لإنصاف المفروزين أمنيّا أنّه “لم يبق لنا غير النّضال والاستعداد لخوض كلّ الأشكال السلميّة ونحن مستعدّون لمزيد تقديم التّضحيات. فهذه الحكومات تتعامل بتشّفي مع الشباب الطلابي والمعطّل، فقط لأنّه كان في طليعة الثورة ضدّ الدكتاتوريّة ولم يرضخ إلى اليوم ولم تنطل عليه الشعارات الكاذبة حول “الانتقال الديمقراطي”، وقد جرّبت الحكومة كلّ الحيل والمناورات منذ أكثر من سنة للالتفاف على اتّفاق قد أمضيناه معها في قصر القصبة وليس في الشارع أو “تحت الطّاولة”.
ويضيف الميغري أنّ “المفروزين أمنيّا على وعي تامّ بأنّ الأوضاع العامة بالبلاد ازدادت سوءًا أكثر ممّا هي عليه قبل هروب بن علي، وأنّ هذا الأمر لا يدفعنا إلى اليأس والإحباط، بقدر ما يجعلنا أمام مسؤوليّة مواصلة النضال على قاعدة شعارات الثورة: الشغل والحرية والكرامة الوطنيّة… وقد ثبت أنّ الحكومات المتعاقبة هي حكومات معادية على طول الخطّ للحرية وللعدالة الاجتماعية وللسيادة الوطنيّة… هذا الأسبوع سيكون حاسما: إمّا حقّنا في العمل بكرامة، وقد تأكّد في تقارير وزارة الداخلية وجود تعليمات بحرماننا من العمل زمن الاستبداد، وإمّا الموت بشرف.. وليس أمام الحكومة سوى تطبيق الاتّفاق”