صوت الشعب صوت الحقيقة
عاشت المؤسّسات التّربوية في الأسابيع القليلة الماضية على وقع جملة من الأحداث التي هزّت الرّأي العام الحقوقي والطلاّبي والشّبابي، تعلّقت أساسا بحالات التّسمّم والاعتداءات على المربّين وتهاوي البنى التحتيّة حتّى أنّ بعضها كادت تخلّف أحداث مؤلمة بفضاءات جامعيّة أساسا (مبيتات)
فقبل أسابيع معدودات، تفشّى مرض “البوصفّير” القاتل في صفوف تلامذة مدارسنا الرّيفية بجهات داخلية أو منسيّة على غرار بئر علي بن خليفة وطينة وقبلي، وأودى بحياة التلميذة مريم زهمول، فضلا عن عشرات الإصابات، التي لم تجد التّعامل الجدّي الكافي والعاجل من طرف وزارتي الصحّة والتربية. وقد تمسّك، في الآونة الأخيرة، عدد من الأولياء والمعلّمون والأساتذة، بمساندة من ثلّة من المحامين، برفع دعوى قضائية مدنية وتقديم شكوى جزائية، لمحاسبة السّيدة سميرة مرعي على تهاون المرفق الصحّي في إنقاذ حياة الطفلة، علاوة على إقالة السيد ناجي جلول (انظر مقررات لقاء جهات قطاع الثانوي الأخير)، بُعيد تأكّد تورّط من عيّنهم صلب ما سمّاه زيفا “ديوان الخدمات المدرسيّة” في اقتناء اللّحوم منتهية الصّلوحية، وهو ما يشكّل إجراما موصوفا وتهديدا سافرا لصحّة الآلاف من التلاميذ المقيمين بجهات شتّى من البلاد.
وفي نفس السياق، عرف “مبيت النخيل” بالحي الجامعي بقابس الأسبوع المنقضي عشرات حالات التسمّم لدى الطلبة المقيمين به، جرّاء استعمال المطعم الجامعي لطماطم منتهية الصّلوحية، وقد عقبت هذه الحادثة انتهاكا لحرمة مبيت حكومي للإناث، من قبل عنصر غريب عنه استهدف بالعنف المادي طالبة، في ظلّ غياب تام للإداريّين والعملة، ممّا فجّر الوضع الطلابي بأكبر الأقطاب الجامعية بالجنوب، وطرح بقوّة، في صفوف الطلاب المحتجّين، مطلب إقالة السيد سليم خلبوص وزير التعليم العالي، رغم سعي أتباع “المنظّمة النهضوية”، رجال مطافئ الحركة الطلابية، إلى عقد اتّفاقات أحاديّة الجانب مع والي الجهة.
وقد عاد القطب الجامعي بقابس، يوم الإثنين، إلى تصدّر مشاغل الرأي العام، حيث تداول الفضاء الافتراضي حادثة شنيعة لتسرّب الغاز بالمبيت الخاص “الجوهرة”، كاد يودي بحياة قرابة 60 طالبة.
وفي العاصمة، عرف مبيت “دار المعلمين العليا بتونس”، وهي أول نواة جامعية تونسيّة (1958)، إضرابا مفتوحا عن الدروس واعتصاما مفتوحا بالدار، إثر سقوط سقف إحدى غرف المبيت، وكاد يودي بحياة طالبة مقيمة بها، ممّا حدا بعشرات الطلبة إلى افتراش أرضية أروقة وقاعات الدرس بالمؤسسة الجامعية “المحظوظة جدا”، مخافة الموت تحت أنقاض مبيتها ورفضا لأنصاف الحلول التي قدّمها مدير “ديوان الخدمات الجامعية بالشمال” الذي أصدر بلاغا يدعو إلى تشتيت الطلبة بمبيتات جامعية عدّة، دون وضع سقف زمنيّ لانتهاء أشغال إعادة ترميم مبيتهم الأصلي. وقد قام عدد من طلبة الدار بالاتّصال بالاتحاد العام لطلبة تونس وبعدد من قدماء الدار وأساتذتهم الجامعيّين، علاوة على مقابلة نواب “كتلة الجبهة الشعبية” بالبرلمان، لإيجاد حلّ عاجل ينصفهم ويراعي خصوصيّة مسارهم وتكوينهم الجامعيّين.
وفي آخر إطلالة تلفزيّة، عبّر النائب زياد لخضر عن انشغال “الجبهة الشعبية” بما يعانيه “طلبة القرجاني”، جرّاء ما سمّاه “اهتراء البنية التحتيّة”.
وإثر إسدال الستار على المؤتمر الوطني التوحيدي للاتحاد العام لطلبة تونس بكلية الحقوق بتونس، وتفاعلا مع لوائحه المناضلة، شهدت العاصمة حراكا طلاّبيا ضخما ومفتوحا، شبيها بانتفاضة طلبة الحي الجامعي بقابس، التحم فيه طلبة قطاع الحقوق (إثر صدور الأمر الحكومي عدد 345 لسنة 2017، القاضي بحرمان طلبة الإجازة في القانون من اجتياز المناظرة الوطنية لانتداب ملحقين قضائيّين) – الذين جوبه، يوم الثلاثاء، إضرابهم الوطني العام واحتجاجاتهم العارمة (التي وصلت حد اقتحام طلبة المعهد العالي للدراسات القانونية بالقيروان لمقر الولاية) بالعاصمة والجهات، بتدخّل قمعي سافر، – بطلبة الهندسة والرياضة، الذين ضاقوا ذرعا بدورهم، بالأداء الهزيل لوزير التعليم العالي الحالي.
رفيق زغيدي
