في حوار خصّت به “صوت الشعب”، قالت عضوة الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، نجاة الزموري إنّ قانون المصالحة جوبه بالرفض من قبل الرابطة ومن قبل عدد من الأطراف الحقوقية والسياسيّة باعتباره تلميعا لصورة الفاسدين في ظلّ غياب آليات مكافحة الفساد سواء على المستوى التشريعي أو على مستوى الواقع.
لماذا تمّت إعادة طرح مسألة المصالحة في هذه الفترة بالذّات؟
منذ ظهوره، جوبه قانون المصالحة بالرفض من قبل عديد الأطراف الحقوقية منها والسياسية، لأنه يُعتبر تبييضا للفساد وتكريسا لسياسة الإفلات من العقاب دون محاسبة. في حين مازال التونسيون وخاصّة ضحايا الظلم والحيف يبحثون عن الحقيقة وينتظرون محاسبة الفاعلين والمفسدين.
وبالعودة إلى مسار هذا المشروع، فقد تمّ اقتراحه من قبل رئاسة الجمهورية في جويلية 2015. وتمّ عرضه على لجنة التشريع العام صلب مجلس نواب الشعب في مناسبة أولى، لكن سرعان ما غاب بعد ذلك عن الأنظار ليبقى في أروقة لجنة التشريع العام التي انكبّت على مناقشة مشاريع قوانين متعلّقة بمكافحة الفساد.
العدالة الانتقالية تقتضي القطع مع الماضي بما فيه من فساد واستبداد. كما تقضي بمحاسبة المفسدين وكلّ من استولى على المال العام وأهدره وأفسد في الإدارة. لكن رغم مرور ست سنوات على الثورة لم يتحقّق شيء من هذا، لأنّ آليات مكافحة الفساد غائبة سواء على المستوى التشريعي أو على مستوى الواقع.
اليوم لنا أن نتساءل إذا كانت إعادة الحديث عن مشروع قانون المصالحة إلى الواجهة لها علاقة بمحاكمة وزراء النظام السابق حول قضية فساد تتعلق بمطربة أجنبية وموجة الاحتجاج والتنديد التي قادتها بعض الأطراف ضدّ تلك الاحكام.
ما هو موقف الرّابطة التّونسيّة للدّفاع عن حقوق الإنسان من قانون المصالحة؟
المشروع لا يكرّس الفصل بين السلط ولا يحترم السلطة القضائية. حيث يقتضي قانون العدالة الانتقالية وجود هيئة قضائية تبتّ في ملفات الفساد والاستيلاء على المال العام، استنادا إلى الفصل الثالث من قانون المصالحة. بينما نجد أنّ جلّ أعضائها ممثلين عن السلطة التنفيذية، ما يعني خضوعها إلى مصالح الأطراف الحاكمة. كما يتنافى هذا المشروع مع الفصل 14 من القانون الأساسي المتعلق بتحقيق العدالة الانتقالية والهادف إلى “تفكيك منظومة الفساد والقمع والاستبداد ومعالجتها بشكل يضمن عدم تكرار الانتهاكات واحترام حقوق الإنسان وإرساء دولة القانون”
فالرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ترفض هذا المشروع لما يمثله من تشريع للفساد واعتداء على حقوق الشعب ومنها حقه في معرفة الحقيقة
ما هي أشكال التّصدّي لهذا المشروع؟
يجب تجسيد مبادئ العدالة الانتقالية والمساهمة في بناء منظومة القيم… فعلى مرتكبي الانتهاكات الاعتراف بالجرائم المرتكبة وتقديم الاعتذار للضحايا وإرجاع الأموال المنهوبة. نحن نساند الدعوات إلى إسقاط هذا القانون لاعتباره خرقا صارخا للدستور، ونعلن انضمامنا إلى الائتلاف المدني السّاعي إلى إلغائه وندعم كلّ الخطوات النّضالية في هذا الاتجاه.
كيف تقيّمون دور الإعلام في هذه المسألة خصوصا وأنّ بعض وسائل الإعلام تحاول تمرير فكرة المصالحة دون محاسبة إلى الرّأي العام؟
هناك تقصير من جهة وسائل الإعلام من ناحية تغطية مسار قانون المصالحة وعدم اعتماد مبدأ الحياد واحترام قانون الصحافة والديمقراطية، في حين أنّ أمرا يتعلق بقضية خلافية مصيرية على الوطن وعلى العدالة ومكافحة الفساد وتحقيق المصالحة والاستقرار في البلد وإصلاح المؤسسات وإنصاف ضحايا الظلم والاستبداد، بينما ترتبط كلها بمواثيق وقوانين دولية وقواعد دستورية ويتّضح ذلك من خلال تقرير الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري بتاريخ 30 سبتمبر 2015.
العدالة الانتقالية هي مجموعة من الآليات القضائية وغير القضائية لمجابهة الانتهاكات الخطيرة للحريات وحقوق الإنسان في فترة مرّت بها البلاد بحقبة من الظلم والاستبداد وهي منظومة متكاملة تقوم على ردّ الاعتبار للضحايا وإرجاع الحقوق إليهم ومحاسبة كلّ من انتهك تلك الحقوق.
ولكشف الحقيقة وردّ الاعتبار فلا بدّ من عدالة حقيقية تهدف إلى الانتقال المنشود الذي لا يمكن أن يتحقّق إلاّ إذا توفّرت جملة من الشروط أهمّها على الإطلاق معرفة الحقيقة كاملة ومساءلة كلّ من أجرم وأذنب بوجه عام.
لطفي الوافي