ما يمكن أن نتبيّنه، أنّ الباجي يُنكر الأزمة السياسيّة والاقتصادية والاجتماعية التي تمرّ بها تونس اليوم، ويُنكر مسؤوليّة الائتلاف الحاكم فيها، وكأنّ الوضع على أحسن ما يرام و”ليس بالإمكان أفضل ممّا كان”، وأنّ المشكل كلّ المشكل في الحركة الاحتجاجيّة وفي بعض التجاوزات التي تصحبها كإيقاف الإنتاج وقطع الطّرقات. وبالتالي، فهو لا يرى من حلٍّ سوى الزجّ بالجيش في مواجهة الحركة الاجتماعيّة والحدّ من الحريات بتعلّة أولويّة مقاومة الإرهاب ومهادنة الفساد ورموزه والتعويل عليهم في “التّنمية والاستثمار والتّشغيل”.
الباجي قايد السبسي انكشف أيضا في تصوّره لنظام الحكم، فهو ضدّ ما أقرّه الدستور ويعمل على تجاوزه في أرض الواقع، معتبرا رئيس الحكومة “وزيرا أوّل” وما ينفكّ يستشهد ببورقيبة وبدور “الرّئيس” في تجميع السلطات بيده وفرض إرادته على الجميع، فلا شيء يمكن أن يمرّ إلاّ عبره وبـإرادته الفردية.
رئيس الدّولة تحدّث عن الدّفاع عن الديمقراطيّة وعن المسار الديمقراطي وهو الذي يهدّده ويضع البلاد على سكّة مواجهات مجهولة العواقب، مواجهات بين الجيش والشعب، بين الأمن والشعب وبين الحكم والشعب.
لكنّ الشعب التونسي الذي قاوم الاستبداد وثار عليه قد سلّط طريق اللاّعودة في التّمسّك بحرّيته. ولن تثنيه أيّ قوّة رادعة ولا أيّ تهديد مهما كان مصدره. وسيتمسّك بمطالبه الحقيقيّة والمشروعة وهي “الشّغل والحرّيّة والكرامة الوطنيّة”.