لم تشهد مدينة الحسيمة المغربية الهدوء منذ يوم 28 أكتوبر 2016 إثر طحن شاحنة القمامة لبائع السمك محسن فكري. لقد تشكلت في الأثناء حركة اجتماعية ومطلبية تحت عنوان “حراك الكرامة” و”ضد الحكرة” بمعنى الحقرة عندنا. وأمام تسويف السلطة المركزية لأهالي المدينة والاستمرار في التهميش، ارتفعت وتيرة الاحتجاجات خلال المدة الأخيرة مطالبة بإصلاحات في ميدان التشغيل والتعليم والصحة والإصلاحات الاقتصادية ذات البعد التنموي بمنطقة الريف المعروفة تاريخيا برمزها المقاوم للإسبان عبد الكريم الخطابي والمعروفة كذلك بمعارضتها للسلطة المخزنية وتمرّدها عدة مرات.
وخلال المدة الأخيرة اجتاحت المظاهرات عدد مهمّ من المدن المغربية منها الناظور وفاس وقلعة السراغنة وغيرها. كما انقسم المشهد السياسي المغربي بين مؤيّد للحركة ومعارض لها من الموالين للسلطة. لقد اتبعت السلطة السياسية في البداية سياسة الاحتواء، واتخذت قرارات تخصّ التحقيق في الجريمة البشعة التي راح ضحيتها بائع السمك وكذلك اتخذت قرارات تهمّ التنمية. إلاّ أنه مع مرور الأيام تبيّن أنّ تلك القرارات ليست سوى وعود كاذبة لذلك اتسعت رقعة الاحتجاجات. وبدل المعالجة السريعة للمطالب المشروعة لمواطني الريف إلاّ أنّ السلطة واجهتهم بالقمع والتهديد والتخوين ودفعت بالبلطجية في صفوف المواطنين. كما نفّذت خلال الليلة الفاصلة بين 27 و28 ماي الجاري عدة اعتقالات في صفوف رموز الحراك الاجتماعي بالحسيمة. كما اعتقلت أبرز قيادي ريفي “الناصر الزفزافي” بعدما تحصّن بالسرية خلال الأيام الفارطة، ووجّهت إليه الاتهامات التالية “منع الإمام من إكمال خطبته وألقى داخل المسجد خطابا تحريضيّا أهان من خلاله الإمام”، وتعود صورة الحادثة إلى أنّ الناصر الزفراني وخلال صلاة الجمعة وعندما كان الإمام يصف المحتجّين برؤوس الفتنة، تدخل الزفزافي قائلا في الناس دفاعا عن الحراك مواجها الإمام الذي كان يوظف عقيدة المصلّين لصالح المخزن.
لقد تحوّل الناصر الزفزافي رمزا من رموز الحركة الاجتماعية وتناقلت الناس شجاعته في مقامة السلطة ورجال الدين.
لطفي الهمامي