بقلم: مراد الحاجي
أَنَا يُوسُفٌ يَا أَبِي.
يَا أَبِي، إِخْوَتِي لَا يُحِبُّونَنِي، لاَ يُريدُونَنِي بَيْنَهُم يَا أَبِي.
يَعتدُونَ عَلَيَّ وَيرْمُونَنِي بِالحَصَى وَالكَلَامِ،
يُرِيدُونَنِي أَنْ أَمُوتَ لِكَيْ يَمْدَحُونِي
وفي نصّ آخر أضاف محمود درويش:
يحبّونني ميّتا ليقولوا: لقد كان منّا، وكان لنا.
هكذا تحدّث درويش عن العاربة والمستعربة الذين لا يعترفون لشخص بأنه منهم إلاّ إذا مات. وهو قول يخامرني كلّما رأيت المديح الذي يُكال للشهيد شكري بلعيد ممّن كانوا يشتمونه ليلا نهارا وأصبحوا يستثمرون اليوم دمه.
هؤلاء أنفسهم يشتمون اليوم حمة ويتّهمون راضية ويسخرون منهما ويحاولون بحملات ممنهجة اختزال نضال الرجل وزوجته في حكاية سيارة “البورش”المزعومة والمختلقة اختلاقا هي وغيرها من الحكايات التي يردّدها الببغاوات كما هو الحال في كل العصور.
يقول درويش:
وصفّوا الكؤوسَ
وراحوا يغنّون للشعبِ. قلتُ: متى تبدؤون اغتيالي؟ فقالوا:
ابتدأنا
هؤلاء الذين كانوا يغتالون شكري بلعيد ذات يوم بحملاتهم الممنهجة هم أنفسهم الذين تحدّثوا فيما بعد عنه ووصفوه بشهيد الحرية وجعلوا منه أيقونة. ولكن متى؟ بعد أن مات؟ هؤلاء أنفسهم يشنعون على حمة وراضية وينسون أنّ الحق في الأمن من أول حقوق الإنسان ومن أوكد واجبات الدولة المدنية والعصرية تجاه مواطناتها ومواطنيها.
لو كان حمة ليبراليا لجعلوه أيقونة حب وحدّثونا عن مقارنة بماكرون وبريجيت. ولو كان إسلاميا لحدثونا عن حب خديجة للرسول. أمّا وهو حمة وهي راضية فمن الطبيعي أن يكون كلّ ما يفعلان مستهجنا.
ألم يشنعوا حتى وهو يحضر دورة تنس في نهج “ألان سافاري” بالعاصمة فجعلوها دخولا إلى ملاعب “رولان غاروس”؟ إنهم بكل بساطة لن يعجبهّم العجب لأنه حمة، وليس ممن يحظون بالرضا ويتم تلميعهم. ولو ذهب إلى دورة في نطيح الأكباش لقالوا إنه دموي.
“ألان سافاري”، “رولان غاروس”، بطحاء لنطيح الأكباش، كلها واحدة وسيجدون مدخلا للتشويه.
أيّها الناعقون لا يحتاج حمة رضاكم فله راضية نكاية فيكم.
أيّها الذين تتغنون بالحداثة ولكنكم في شيزوفرنيا غريبة تستنقصون الناس بقسمتهم إلى رجال ونساء.
يا من تشتمونه بأنّ زوجته تضرب عن الطعام في حين لا يفعل هو، ولكنكم في قرارة أنفسكم تتمنون امرأة تحبكم بذاك الكمّ.
أيّها الحداثيون جدا والفاشلون حتى في احترام امرأة بشكل يجعلها تحبكم بذاك الشكل. والحقيقة أنني لا أجد إشكالا في شتائم الظلاميين ومهاجمتهم لحمة. لكن الإشكال أكبر في أدعياء الحداثة وشكل هجومهم.
أخيرا لست من حزب العمال ولم أنتَمِ يوما تنظيميا إلى أيّ حزب. لكن ما يتعرّض له حمة وراضية يستفزّ أيّ عاقل منصف، لأنّ الرجل لو خرج من جلده ما تركوه. فقط لأنه ليس خاضعا للمقاييس والتصنيفات. يوما ما كان في جبهة الإنقاذ. كانوا يصفّقون له ولكنهم باعوا كلّ شيء للإخوان واليوم يتحالفون معهم في مهاجمته وتشويهه.
“سر في طريقك وليقل الناس ما يشاؤون”. « Segui il tuo corso, e lascia dir le gentil »
هكذا حدّث “أليغيري دانتي ” الشاعر الإيطالي الشهير، في “الكوميديا الإلهية”…