بقلم : جيلاني الهمامي
انتهت يوم 10 أوت الجاري المدة المخصّصة للتسجيل في قائمات الناخبين وتُوّجت الحملة بتسجيل زهاء الـ507 آلاف ناخب إضافي. ورأت هيئة الانتخابات إثر ذلك عدم التمديد في مدة التسجيل ربما رضاء منها بنتيجة الحملة وربما أيضا هروبا من الأتعاب الإضافية التي قد تنجرّ عن التمديد. وبذلك تدخل مرحلة الإعداد للانتخابات القادمة طورها الحساس والحاسم، إذ لم يعد يفصلنا عن مدة إيداع قائمات المترشحين (19 – 26 سبتمبر) سوى حوالي شهر. ومع ذلك مازال هناك نوع من الارتياب فيما إذا كانت الانتخابات ستجري في موعدها أم سيقع تأجيلها. ولعل ما يغذّي هذه الشكوك مواقف العديد من الأطراف التي ماتزال تؤكّد أنّ شروط الانتخابات الشفافة والنزيهة ما تزال مفقودة، علاوة على ميل أوساط واسعة داخل بعض أحزاب السلطة وخاصة النداء إلى التأجيل لتقديرات سياسية وحزبية حسب ما يروج من أخبار.
والحقيقة أنه بصرف النظر عن كلّ ذلك وانطلاقا من أنّ الإعداد لهذا الموعد المنعرج في حياة الديمقراطية التونسية الهشة لا يمكن أن ينحصر فقط في الجوانب التقنية بقدر ما يمثله من أبعاد سياسية عميقة فإنّ ما يمكن الجزم به هو أنّ شروط الانتخابات الشفافة والنزيهة تكاد تكون منعدمة إذا أخذنا بعين الاعتبار المسائل التالية:
- النّيّة في تنظيم الانتخابات في إطار قانون البلديات لسنة 1975 في غياب مجلة الجماعات العمومية وصعوبة الانتهاء من وضعها قبل يوم 17 ديسمبر القادم، علما وأنّ المداولات بشأنها لم تنطلق بعد لا في اللجنة المكلّفة بها (لجنة تنظيم الإدارة) ولا بالتالي في الجلسات العامة التي ستشهد بلا شك حوارات وصراعات حادة بشأن الكثير من أحكامها
- عدم حياد الإدارة، ولاّة ومعتمدين وعمد، التي تسيطر عليها الأطراف الأساسية من الائتلاف الحاكم وقد انطلقت بعد في عديد الجهات حملات تعتمد الإعانات والتراخيص وغيرها من آليات كسب الأصوات وحشد الأنصار
- عدم السيطرة على مؤسّسات سبر الآراء التي تتصرف خارج أبسط ضوابط العمل السياسي المحايد لفائدة أطراف بعينها بما من شأنه أن يكيّف ميولات الناخبين
- انفلات لوبيات وشبكات المال الفاسد من كل الأحجام وانعدام الإمكانية في ضبطه خلال العملية الانتخابية القادمة
لكلّ هذه الأسباب وغيرها وفي ضوء الضغط الزمني على مسار الإعداد للانتخابات يبدو أنّ المصلحة تقتضي تأجيل الانتخابات لمدة ثلاثة أشهر على الأقل لتسوية كلّ هذه العوامل حتى تكون الانتخابات نزيهة بحقّ وتساهم في خروج البلاد من الأزمة السياسية الحادة التي تمرّ بها لا مزيد تعميقها.