عقدت الجبهة الشعبية، اليوم الثلاثاء 19 سبتمبر 2017، ندوة صحفية بمقرها المركزي بالعاصمة بحضور ناطقها الرسمي وعدد من قياداتها. وخصصت الندوة لمستجدات الوضع السياسي العام.
وقال الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبيّة حمة الهمامي إنّ الأحداث والوقائع تؤكد أن تونس تمرّ بأزمة حكم شاملة وبأزمة سياسيّة واجتماعيّة خانقة والمطلوب اليوم هو إيجاد الحلول اللازمة.
التحالف القائم هو سبب الأزمة
وفي ذات السياق، أوضح الهمامي أنّ سبب الأزمة التي شملت كلّ مؤسسات الدولة هو طبيعة التحالف القائم الذي لا يريد تكريس الدستور إضافة إلى الخيارات الكبرى الاقتصادية والاجتماعية التي توختها مختلف الحكومات المتعاقبة، محذّرا من خطورة السعي إلى الانقلاب على الدستور وعلى الحريات من قبل الائتلاف الحاكم تحت غطاء مراجعة النظام السياسي والدعوة إلى نظام رئاسي، معتبرا أنّ تغيير النظام السياسي الحالي يعدّ ضربا للمكتسبات الديمقراطية على غرار استقلاليّة القضاء والفصل بين السلط واستقلالية الهيئات.
ودعا الهمامي كلّ القوى الديمقراطية إلى التصدي إلى ما وصفه بـ” آخر حلقة من حلقات الالتفاف على ثورة الشعب التونسي والرجوع إلى مربع الاستبداد عبر نظام رئاسوي” استبدادي، يسـتأثر بالحكم ويضرب العدالة الانتقالية ويعيد فرض التضييقات على الاعلام وسيطرة اللوبيات على الشعب التونسي.
الحرب الحقيقيّة على الشعب التونسي
وانتقد الهمّامي بشدّدة ما أسماه بـ “الحرب الحقيقية على الشعب التونسي”، منبّها من خطورة المرحلة القادمة خصوصا في ظلّ تفاقم الأزمة الاجتماعية جراء تجميد الأجور والانتدابات والتفويت في المؤسسات العموميّة وإثقال كاهل التونسيين بالضرائب ورفع الدعم بما يعني ارتفاع الأسعار. وأشار، في ذات الصدد، إلى خطورة اتفاقيّة الشراكة الشاملة والمعمقة “أليكا” التي ستكبل القطاعين الفلاحي والخدماتي إضافة إلى الإذعان إلى إملاءات صندوق النقد الدولي دون مراعاة لمصلحة الشعب التونسي، مشيرا إلى غياب الحرب على التهريب والتهرّب الجبائي وعلى الفساد وانعدام المجهود الجدي للحدّ من التداين.
وفيما يتعلّق بالحلول، قال الهمامي إنّ الخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد، مضيفا أنّ تخطي الأزمة السياسية يتمّ عبر تكريس الدستور وتكريس الديمقراطية واحترام الحريات الخاصة والعامة والخروج من الأزمة الاقتصادية يكون عبر إيقاف التوريد العشوائي واسترجاع أموال الدولة المتأتية من الجباية والمقدرة بـ 15 ألف مليار من المليمات والتدقيق في المديونيّة ومقاومة الفساد فعليا عبر المنظومة التشريعية والإدارة، إضافة إلى توظيف ضريبة استثنائية على الثروات الكبرى.
وأبرز أن الجبهة الشعبية تقدمت بمقترحات جديّة من أجل الخروج من الأزمة لكمن الائتلاف الحاكم ينتهج سبيلا آخر. وإن كان هناك حوار جدي فلابدّ أن يتمحور حول هذه المسائل.
العودة إلى مربع الاستبداد
وقال الهمامي إنّ السياسة التي يريد الائتلاف الحاكم فرضها على الشعب التونسي لا تطبق سوى بمنطق العصا، لكن الشعب الذي أسقط الديكتاتورية قادر على مواجهتها، مشيرا في ذات السياق إلى أنّ قانون المصالحة يندرج في إطار العودة بالبلاد إلى مربع الاستبداد، معتبرا أنّه يكرّس التفرقة أنه ولا علاقة له بالمصلحة الوطنية بل بإعادة تشغيل الطاقم السياسي والإداري الذي استخدمه بن علي.
وفي سياق آخر حمّل الهمامي مسؤولية تأخير الانتخابات البلدية للأغلبية البرلمانية التي تعمّدت التراخي في سدّ الشغور صلب الهيئة العليا للانتخابات وفي تباطأت في المصادقة على قانون مجلة الجماعات المحلية، مشددا على ضرورة تحديد أجل لإجراء هذه الانتخابات معتبرا أنّ انعدام الشفافية والوضوح فيما يتعلّق بهذه المسألة هو من قبيل التحيّل السياسي الذي لا يثني الجبهة الشعبيّة على القيام بدورها وبواجبها تجاه بلادها وشعبها خصوصا و “أنّ الائتلاف الحاكم برأسيه وشيخيه يريد العودة بتونس إلى الوراء”.
الطعن في قانون المصالحة
من جانبه قال القيادي بالجبهة الشعبية والنائب بمجلس نواب الشعب زياد الأخضر إنّ الجبهة الشعبية تصدّت لمحاولة تمرير جزء هذا القانون الذي تقدم به رئيس الدولة في 2015 لتتم تجزئته في محاولة ثانية لتمريره خلال مناقشة قانون الميزانية لسنة ،2016 وقامت الجبهة بالطعن في دستوريته وتمّ إنصافها من قبل الهيئة العليا لمراقبة دستوريّة القوانين.
وأكّد الأخضر أنّ الجبهة الشعبية مع المصالحة الحقيقيّة التي تتمّ في إطار العدالة الانتقالية لكنها ترفض هذا القانون وتعتبره ارتدادا على دماء الشهداء والجرحى ونضالات قوى تونس الحيّة. وقال إنّ قانون المصالحة هو في حقيقة الأمر “عفو عام عن نظامي بورقيبة وبن علي وإعادة رسكلة هذا الجيش الذي استخدم في القمع والاستبداد ووظّف في قهر الناس وسلب ممتلكاتهم”.
وأضاف أنّ الجبهة الشعبية ستطعن في دستوريّة هذا القانون الذي يبيّض الفساد وستعمل على إسقاطه، منتقدا من صوتوا لهذا القانون.
الخطاب الديني لتصفية الحسابات السياسية
وفيما يتعلّق بمسألة الثلب الواردة في تصريح رئيس الدولة قال الأخضر إنّ ما أتاه هذا الأخير لا يختلف كثيرا عن حادثة المدرسة فايزة السويسي التي تمّ تكفيرها، موضحا أنّ ما قاله السبسي يندرج في ثقافة تصفية الحسابات مع الخصوم السياسيين باستعمال الخطاب الديني، مشيرا في هذا الصدد إلى أنّ “السبسي لا يختلف عن راشد الغنوشي في شيء ويتقاسم معه نفس القناعة”.
واعتبر الأخضر أنّ هذا التصريح لا يليق برئيس دولة وأنّه من غير المعقول أن يصدر عن شخص يفترض أنه يمثّل كل التونسيين بقطع النظر عن ومواقفهم السياسية، مبرزا أنّ السبسي بتصريحه هذا تنازل عن دور رئيس الجمهورية.
لطفي الوافي