نظمت الجبهة الشعبية وجمعية البحوث الاقتصادية محمد علي الحامي، اليوم الثلاثاء بأحد نزل العاصمة، ندوة حول قانون المالية لسنة 2018. وذلك بمشاركة عدد من الخبراء الاقتصاديين والماليين للجبهة وبحضور عدد من أنصارها.
حيث قال الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية حمة الهمامي خلال افتتاحه لأشغال الندوة، إن ميزانية 2018 وحدت كل الأطراف ضدها وحتى صلب الإئتلاف الحاكم ليس هناك إلى حد الآن من دافع على هذه الميزانية. وأضاف أنّ الضحية الكبرى هي البلاد التي ما تنفك تغرق وغالبية الشعب التونسي الذي يدفع الثمن ويظهر ذلك من خلال تردي أوضاعه المعيشية.
وقد تطرق المشاركون في الندوة إلى أهم الفصول الواردة في قانون الميزانية حيث اعتبر النائب عن الجبهة الشعبية في مجلس نواب الشعب منجي الرحوي في مداخلته أنّ لهذه الميزانية تداعيات خطيرة على المستوى الاجتماعي خصوصا في ظل تقليص نفقات التنمية بحوالي 9 بالمائة مقارنة بميزانية 2017 رغم أنها تمثل مطلبا مهما من مطالب الثورة, لافتا إلى أن الاقتصاد الموازي وقطاع التهريب ظلاّ خارج سياق الميزانية على مدى السنوات الأخيرة بتواطؤ من كل الحكومات المتعاقبة.
اجراءات مملاة من صندوق النقد الدولي
وأضاف الرحوي أنّ هذا يتنافى مع ادعاءات الحكومة في تحقيق التنمية واستحثاث الاستثمار، مشيرا إلى أنّ هناك شكوك حول قدرة هذه الحكومة على القيام بالانجازات حيث ظل مستوى انجاز الامشاريع ضعيفا جدا مقارنة بالأموال المرصودة. وأوضح في المقابل أن الزيادات في أسعار المواد الأساسية والمحروقات والكهرباء وغيرها من الخدمات الأساسية من شأنه أن يحدث حالة توتر اجتماعي باعتبار أن هذه الزيادات تمس كل الشرائح الاجتماعية.
واعتبر الرحوي أن هذه الاجراءات مملاة من صندوق النقد الدولي ولا تأخذ بعين الاعتبار الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتأزم وأن قانون المالية يتنزل ضمن سياسة عامة بعيدة كل البعد حتى عن المنوال الليبرالي.
الميزانية ملف ساسي طبقي
وفي ذات السياق قال الخبير الاقتصادي مصطفى الجويلي، الذي كانت له مداخلة بعنوان “الفرضيات والخيارات المؤسسة لميزانية الدولة 2018″، إن الميزانية ليست ملفا تقنيا محاسباتيا بل هي ملف سياسي طبقي وهي ليست معزولة عن مسار كامل وخيارات اقتصادية والتعاطي معها لا يجب أن يتوقف عند القراءة السطحية التي لا ترى سوى انعكاساتها على المقدرة الشرائية. وأوضح الجويلي أن ميزانية 2018 اعتمدت على فرضيات مغلوطة على غرار نسبة نمو بـ3 بالمائة وهو ما يتطلب تطور جدي للقطاعات المنتجة وتطور الطلب الداخلي والخارجي ومن الفرضيات المعتمدة أيضا تطور الواردات بنسبة 8,1 بالمائة والصادرات بنسبة 9 بالمائة.
وهذا التمشي يندرج، حسب رأيه، في إطار سياسة ممنهجة لإيهام التونسيين بتحسن منظور في أوضاعهم حتى يقبلو بهذه الاجراءات الموجعة. وأضاف أن الامتيازات الجبائية ستساهم في حرمان الميزانية من موارد مهمة وستعمق أزمة الصناديق الاجتماعية وتشجيع الاقتصاد الطفيلي وغير المنتج. وهو ما اعتبره الخبير محاولة خوصصة غير مباشرة.
وفي ما يتعلق باحداث صندوق لتعويض الاضرار الفلاحية إلى جانب الأداء على القيمة المضافة والمعاليم الديوانية الموظفة على بعض مدخلات الانتاج، قال مطير إن هذه الاجراءات لا يمكن أن تغير واقع الفلاحة في ظل غياب الدعم والاحاطة الفنية وآليات التمويل.
ضرورة تطوير النظام الجبائي
من ناحيته تطرق الأستاذ محمود مطير في مداخلته التي كانت بعنوان “الموارد والاجراؤات الجبائية دعم الموارد الذاتية للدولة” إلى مسألة الزيادة في الميزانية التي قدرت بحوالي 10 بالمائة مقارنة بسابقتها، معتبرا أن هذا التطور لم يقترن بتطور النظام الجبائي في ظل غياب للاستثمارات وللنمو الاقتصادي. وأضاف أن سنّ ضرائب وأداءات جديدة على المواد الاستهلاكية وغيرها من المواد يمس من مصداقية الدولة باعتبار عدم الاستقرار القانوني الجبائي ويضرب الاستثمار بقوة ويعاقب المؤسسات المنظمة.
وأوضح مطير أن المشكل الحقيقي يكمن في غياب الاستثمار والتشغيل والرفع من تنافسية المؤسسات الصغرى والمتوسطة.
مراجعة شاملة لمنوال التنمية
من ناحيته قال الخبير المالي لطفي بن عيسى في مداخلته التي كانت بعنوان “أزمة المالية العمومية وملامح رؤية بديلة” إن الخروج من الأزمة الخانقة التي أوصلتنا إليها سياسات ليبرالية متوحشة مرتهن بتنشيط كل محرك نمو بنسق عال ومراجعة شاملة لمنوال التنمية الحالي, مضيفا أنه على الدولة أن تتموقع كقاطرة لعملية النمو والتنمية العادلة من خلال إعادة هيكلة الاقتصاد وحمايته من المنافسة الخارجية ومن التجارة الموازية. كما أن الوضع الحالي يستوجب إصلاحا حقيقيا للمؤسسات العمومية على قاعدة الحوكمة الرشيدة والشفافية وتعصير الإدارة وتطويرها ورقمنتها إضافة إلى تعصير منظومة التربية والتكوين. ودعا بن عيسى إلى ضرورة التدقيق في كافة الصفقات العمومية ولزمات القطاع النفطي على وجه الخصوص وإلى تنظيم الاقتصاد الاجتماعي التضامني,
منظمات وجمعيات تحذر من تمرير القانون المتعلق برياض الأطفال بصيغته الحالية
عبر عدد من المنظمات والجمعيات في بيان مشترك، اليوم الثلاثاء، عن مساندتها لموقف الجمعية التونسية لحقوق الطفل بشأن مشروع القانون المتعلق برياض الأطفال والمحاضن الذي سيعرض للمناقشة والتصويت بمجلس نواب الشعب يوم 14 نوفمبر 2017.
وأعربت هذه المنظمات ومن بينها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، جمعية يقظة من اجل الديمقراطية والدولة المدنية،الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات الاتحاد الوطني للمرأة وعن تأييدها للجمعية التونسية لحقوق الطفل بخصوص واجب الدولة والعائلة تجاه الطفل ووجوب احترامهما للمبادئ التي تضمنها الفصل 47 من الدستور الذي ينص على أنه من حق الطفل على الدولة وعلى أبويه “ضمان الكرامة والصحة والرعاية والتربية والتعليم. وعلى الدولة توفير جميع أنواع الحماية لكل الأطفال دون تمييز ووفق المصالح الفضلى للطفل”.
كما حذرت المنظمات والجمعيات المذكورة من عدم ملاءمة هذا المشروع لجملة من فصول الدستور على غرار الفصل 7 (دعم الدولة للأسرة) والفصل 16 (حياد المؤسسات التربوية) والفصل 39 (إجبارية التعليم) والفصل 47 (حقوق الطفل) و 48 (حقوق ذوي الاحتياجات الخصوصية).
وأوضحت أن مشروع القانون يغيب مسؤولية الدولة في تربية الطفل كما أنه يحمل المرأة وحدها مسؤولية تعليم أطفالها وحمايتهم، ويحرم الاطفال المنتمين إلى الطبقات المهمشة من تساوي الفرص ويساهم في تأبيد اوضاعهم.
وحذرت المنظمات الموقعة على البيان بشدة من تمرير هذا المشروع في صيغته الحالية لما يحمله من مخاطر على الطفل والعائلة.
-* لطفي الوافي