لم تكن فاجعة منطقة السبالة بولاية سيدي بوزيد هي الأولى التي ذهب ضحيتها عاملات وعمّال من القطاع الفلاحي. فقد سبقها بيوم حادث مماثل بمنطقة رقّادة بولاية القيروان وسبقها أيضا منذ أيام قليلة حادث بمدينة الفحص بولاية زغوان ولن تكون هذه الحوادث هي الأخيرة بسبب عجز الحكومات المتتالية وهياكلها المتداخلة في وضع إجراءات حقيقية من أجل تأمين ظروف العمل اللاّئق وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية.
فقد فضحت هذه الحوادث المتتالية عندما اهتزّ الرأي العام للواقع المشين للعاملات فمنهن من يبلغن من العمر 12 سنة يعملن ويدرسن في نفس الوقت، ومنهن من يعملن في ضيعات فلاحية لساعات متتالية وفي المقابل لا يتجاوز أجرهنّ العشرة دنانير لا غير.
ورغم الاعتراف الضمني للدولة بما تعانيه العاملات في القطاع الفلاحي عبر المصادقة على القانون المتعلّق بتنظيم النقل العمومي غير المنتظم وصدوره بالرائد الرسمي بتاريخ 8 جويلية 2016 تمّ تقديم وزارة المرأة مشروع قانون يتعلّق بالنقل الفلاحي للأشخاص، أي النقل الريفي للعملة. إلاّ أنّ المأساة مازالت هي نفسها.
وقد أكّدت المنسّقة الوطنية لمنظّمة “مساواة” رفيقة الرقيق في تصريحها لـ”صوت الشعب” أنّ السلطة وعلى رأسها حكومة الشاهد لم تلفح إلى اليوم إلاّ في تقديم الوعود الزائفة التي تحاول عبرها التغطية على سوء إدارة الدولة وتواصل التهميش الذي يستهدف بنات وأبناء الشعب في الجهات المهمّشة واستغلال الفاجعات لدعايات سياسية لا غير.
بعد الاعتراف الضّمني، على الدّولة أن تقوم بدورها الحمائي
وأمام تواتر حالات حوادث الطرقات التي استهدفت عاملات القطاع الفلاحي والتي فضحت عجز الدولة اعترفت الأخيرة عبر هياكلها المتداخلة عبر إصدارها للقانون المشار إليه أو جملة الوعود التي تنتظر التطبيق إلى اليوم بأنّ ظروف عمل عاملات القطاع الفلاحي لا تليق بظروف العمل اللاّئق.
وفي هذا الإطار أوضحت المنسّقة الوطنية لـ”مساواة” أنّ هناك اعترافا ضمنيا بأنّ تواتر حوادث المرور التي تتعرّض إليها العاملات ظلّت دون تحديد للمسؤولية أو تقديم التعويضات لهنّ، مطالبة في ذات التصريح بوجوبيّة الدّور الحمائي للدولة وبالإسراع بالمصادقة على الاتفاقية الدولية وسنّ القوانين الوطنية التطبيقية المترتّبة عن هذه المصادقة، إضافة إلى ضرورة تكريس المساواة في الأجر بين العاملين في القطاع الفلاحي نساء ورجالا وتمتعيهم أيضا بالتغطية الاجتماعية وبطاقات العلاج المجاني.
ضرورة المصادقة على المواثيق الدّوليّة وتفعيل القوانين الوطنيّة
وقد نبّهت الرقيق إلى أنّ مشروع القانون المتعلّق بتنظيم النقل العمومي غير المنتظم غير كاف بل يتوجب على الدولة الإسراع في المصادقة على اتفاقية عدد 129 لمنظّمة العمل الدولية المتعلّقة بتفتيش العمل في الزراعة والتي ستتيح إجراء زيارات تفقّد شغلية في القطاع الفلاحي بما في ذلك تفقّد ظروف نقل العاملات في القطاع الفلاحي. إضافة إلى إعادة النظر في القانون عدد 40 لسنة 2004 المؤرّخ في 19 أفريل 2004 المتعلّق بتنظيم النقل البرّي حتى يشمل أصنافا جديدة من النقل على غرار النقل المدرسي والنقل الفلاحي والصناعي للعملة، كما يمكن توسيع مجال القانون المذكور عبر إدراج منظمة النقل الفلاحي للأشخاص أو النقل الريفي للعملة ضمن منظومات النقل البرّي المعمول بها حاليا والتي تنظّمها النصوص الترتيبية لوزارة النقل من حيث الشروط وأساليب إسناد الرخص لممارسة النشاط.
حاورتها :فاتن حمدي