تشنّ الامبريالية الامريكية منذ مجيء الشعبوي اليميني دونالد ترامب إلى الحكم الحرب الاقتصادية ضد عديد القوى الدولية والاقليمية مستعملة سياسة العصا والجزرة من أجل الهيمنة الاقتصادية والعسكرية على العالم.
بعد المحاولات المتكررة للانقلاب على الحكومة الشرعية بفنزويلا واستعمال الحصار والعقوبات الاقتصادية ضدّها من أجل الهيمنة على مصادر النفط. ها هي اليوم تتجه نحو فرض عقوبات جديدة ضد إيران بمنعها من بيع حصتها من النفط في السوق العالمية. والهدف من ذلك تركيع النظام الايراني وإجباره على الجلوس إلى طاولة المفاوضات صاغرا ذليلا.
إنّ الإجراءات التعسفية غير الشرعية تأتي في ظرف يتميز بالأزمة التي يمرّ بها النظام الرأسمالي على جميع الأصعدة ونتيجة الصراع الدائر بين كبريات الدول الامبريالية والرأسمالية للهيمنة وتقاسم النفوذ على البلدان الفقيرة أو ذات المصادر الأولية المتعددة وأهمها النفط.
أصبحت إيران منذ مدة تلعب أدوارا اقليمية لا تخفى على أحد وخاصة في الشرق الأوسط إلى جانب تركيا. وأصبحت ضمن الحلف الروسي تتدخل في النزاعات العسكرية مثل ما حصل في سوريا أو لبنان أو اليمن والتي بمقتضاها يقع اتّهامها بدعم الحوثيين والشيعة… الأمر الذي يثير حفيظة عديد الأنظمة الخليجية مثل السعودية والامارات وغيرها من الأنظمة العميلة والرجعية.
وأوّل إجراء قامت به أمريكا هو وضع الحرس الثورة الايراني في قائمة التنظيمات الإرهابية ثم بعد ذلك وقع استخدام سلاح النفط بمحاولة منع البلدان المستوردة للنفط والغاز والكهرباء الايراني من التعامل معها أو شرائه وهي تعوّل على أنظمة البترودولار وخاصة السعودية لتعويض النقص الحاصل في سوق الطاقة. أي تعويض حصة إيران. لكنّ هذا الإجراء يلقى صعوبات في تنفيذه لأنّ عدة أطراف عبّرت على عدم التزامها به على غرار الاتحاد الأوروبي والصين وروسيا وباكستان… كما أنّ إيران تهدد بغلق مضيق هرمز أمام الملاحة الدولية كردة فعل تجاه القرار. وفي المقابل سارع أغلب حلفاء أمريكا بزعامة السعودية بالترحيب بالقرار واستعدادهم بالترفيع في حصصهم للسوق العالمية.
ومهما كانت مآلات هذه المعركة ضد ايران فالأكيد أنّ غطرسة الولايات المتحدة الأمريكية والبيت الأبيض لن تقف عند هذا الحد. بل ستتواصل الحرب الاقتصادية بين الامبرياليات وتتواصل كذلك محاولات التدخل في شؤون الشعوب وخلق بؤر التوتر والحروب لبسط الهيمنة وإعادة اقتسام العالم.
إنّ الموقف السليم أمام التحرش بإيران هو الوقوف ضدّ السياسة الأمريكية والوقوف إلى جانب الشعب الإيراني وإلى جانب الشعب الفنزويلي لوضع حدّ للغطرسة الأمريكية لأنّ الشعوب العربية تمثل اليوم الضحية الأولى وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني الذي يتصدى معزولا للصهيونية ولصفقة القرن الامريكية سيّئة الصيت.
منذر خلفاوي