لا يفصلنا عن الانتخابات التشريعية والرئاسية سوى بضعة أشهر. فقد أعلنت الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات أنّ الانتخابات التشريعية ستنتظم يوم 6 أكتوبر المقبل (داخل تونس) وأيام 4 و5 و6 أكتوبر بالنسبة إلى التونسيين بالخارج. ويكون الدّور الأول للانتخابات الرئاسية يوم 10 نوفمبر المقبل (داخل تونس) وأيام 8 و9 و10 نوفمبر بالنسبة إلى التونسيين بالخارج. على أن لا يتجاوز الدور الثاني للرئاسيات يوم 29 ديسمبر المقبل. وامام انتهاء فترة التسجيل للاستحقاقات الانتخابية اعلنت الهيئة عن التمديد في فترة التسجيل الى غاية يوم 15 جوان المقبل.
وعن الانطلاق في عمليات التسجيل واستعدادات الهيئة للانتخابات المقبلة. “صوت الشعب” حاورت عادل البرينصي عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المكلف بالإعلام
حاورته فاتن حمدي
أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التمديد في فترة التسجيل للانتخابات المقبلة إلى حدود يوم 15 جوان المقبل. ماهي مبرّرات هذا القرار؟
لقد قرّر مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التمديد في فترة التسجيل للانتخابات التشريعية والرئاسية بسبب الصعوبات التي واجهتنا خلال تسجيل الجالية التونسية بالخارج. ما أدّى إلى نسب إقبال ضعيفة على مستوى التسجيل. وقد تسبّب فيها تعطّل الموقع الالكتروني المخصّص للتسجيل عن بعد وضعف الحملات التحسيسية الموجّهة إليهم. أيضا فقد تفاعلت الهيئة – دون ممارسة ضغوطات عليها – مع دعوات عدة أطراف سياسية من أجل إعلان فترة التمديد.
أعلنت الهيئة أنها سجّلت أرقاما قياسيّة في عملية التسجيل للانتخابات. ماهي الأرقام التي تطمح الهيئة الوصول إليها بعد عملية التمديد؟
لقد نجحت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تسجيل أرقام قياسية مقارنة مع المحطات الانتخابية السابقة سواء الانتخابات البلدية الأخيرة أو انتخابات سنة 2014. وإلى حدود يوم الاثنين 27 ماي الجاري أي بعد الانطلاق في فترة تمديد التسجيل تجاوزت مليون و200 ألف ناخب جديد. ونطمح إلى تحقيق أرقام قياسية خاصة بعد توفير كافة الظروف اللوجستية للجالية التونسية بالخارج آخرها إمضاء اتفاقية بين الهيئة ووزارة الخارجية التونسية والتي تنصّ على وضع الإمكانيات البشرية والمادية المتوفرة من قبل البعثات الديبلوماسية والقنصلية بالخارج لفائدة الهيئة المخوّل لها تنظيم الانتخابات. وأعتقد أنّ نسبة الإقبال من قبل الشباب خاصة على التسجيل للانتخابات المقبلة ستنعكس وتؤثر وجوبا على برامج الأحزاب المتنافسة.
بخصوص عمليّة التسجيل للانتخابات المقبلة هناك شهادات حول عمليات للتسجيل الآلي ورجّح البعض أنها قد تؤثر على الانتخابات المقبلة. هل قامت الهيئة بالتدقيق فيما حصل؟
من المهم التأكيد أنّ الهيئة ستقوم بعد انتهاء آجال التسجيل يوم 15 جوان المقبل بنشر كافة القائمات الخاصة بالناخبين في كل مكاتب الاقتراع وفتح باب الاعتراض. وهنا أدعو الجميع إلى الاطّلاع عليها والتثبت من إمكانية وجود حالات تسجيل آلي ثم ضرورة إعلام الهيئات الفرعية بهذه الحالات، وسيتمّ أخذ كافة الإجراءات القانونية. أمّا بخصوص ما نشر مؤخّرا حول حالات تسجيل آلي فإني اعتبرها حالات معزولة ولن تؤثر على الانتخابات المقبلة كما أنّ الهيئة ستقوم بالتثبت. على عكس ما عبّرت عنه بعض الأطراف السياسية وهنا اعتبر ما اعلنت عنه تخوفا من المساس من خزانها الانتخابي الثابت لا غير. في المقابل أرجّح أنّ مثل الأخطاء قد تكون صادرة عن بعض الأعوان الوقتيين المكلّفين بتسجيل الناخبين. ولهذا ستقوم الهيئة بالتثبت والتدقيق معهم. وفي حال وجود أية أخطاء فسيتمّ أخذ الإجراءات القانونية اللاّزمة. وبالنّظر إلى بعض الأخطاء المعزولة وتجنّبا لإمكانية تكرارها خلال فترة التمديد قامت الهيئة بتخصيص منح تحفيزية مالية موجّهة إلى الأعوان المكلّفين بالتسجيل من أجل مزيد تحفيزهم وعدم الوقوع في أية أخطاء.
من جانب آخر أؤكّد أنّ عملية التسجيل الآلي موجهة قانونا لفائدة الجالية التونسية بالخارج. وتقوم الهيئة بالتنسيق مع وزارة الخارجية بالتثبت في كافة الوثائق إن كانت قانونية. وهذا ما حصل منذ الانطلاق في عمليات التسجيل حيث راسلت الهيئة كلّ من ثبت نقصا في وثائقه خلال عملية التسجيل الآلي.
هل أثّرت الانتخابات الجزئية لمجالس بلدية تمّت فيها استقالات على أداء واستعدادات الهيئة للانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة
حاليا فإنّ مجلس الهيئة يقوم بعمله بشكل صحيح في اتجاه تنظيم الانتخابات في آجالها. وغير وارد تأجيل الاستحقاق الانتخابي عكس ما يروج. ورغم أنّ ما حصل من استقالات من المجالس البلدية مؤخرا فإنها لم تؤثر إلى الآن على أداء الهيئة واستعدادها للانتخابات المقبلة. في المقابل أخشى أن تتواتر موجة الاستقالات التي من شأنها أن تؤثّر سلبا على اهتمامات الناخب لأنّ الهيئة وبعد تلقّيها رسميا إعلاما من قبل الوالي بالاستقالات فهي مضطرة قانونا إلى تنظيم انتخابات جزئية. وهنا أوجّه رسالة إلى كافة الفاعلين السياسيين وإلى كلّ من ترشّح خدمة للشأن العام إلى ضرورة تبنّي مبدأ التشاركية الديمقراطية عوض التّسرّع وتقديم الاستقالات من المجالس البلدية بمجرد حصول أيّ خلاف بينهم.
أعلنت الهيئة الفرعية للانتخابات بولاية سيدي بوزيد عن تسجيلها لخروقات خطيرة قامت بها القائمة الانتخابية “تحيا تونس” ضمن الانتخابات الجزئية بدائرة سوق الجديد. وقد تمّ الإعلان عن النتائج الأولية لهذه الانتخابات وتحصّلت القائمة على مقعد وحيد هل يعني هذا أنّ الهيئة لم تتّخذ قرارا بخصوص ما سجّل؟
صحيح أنّ الهيئة الفرعية للانتخابات بولاية سيدي بوزيد قد أعلنت عن تسجيلها لخروقات للقائمة الانتخابية “تحيا تونس” تتمثل في حضور أعضاء حكوميين في لقاء حزبي. ما يعني أنّ ما حصل هو ضرب لمفهوم حياد الإدارة. ومبدئيا ستقوم الهيئة بإحالة الملف على أنظار القضاء، وإضافة إلى ذلك سجّل مجلس الهيئة أنّ ما حصل هي مخالفة. وهنا أوضّح أنّ للهيئة قرارين منها الجزائي أي إحالة الملفات على القضاء ومنها البتّ في المخالفات وتكييفها داخل مجلس الهيئة ففي حال إثبات أنّ مثل هذه المخالفات قد تؤثر على النتائج فسيتم أخذ القرار بإسقاط القائمة الانتخابية. وقد قمنا خلال انتخابات سنة 2014 والانتخابات البلدية بإحالة عدة ملفات منها أكثر من 100 ملف على أنظار النيابة العمومية بخصوص خروقات في الانتخابات البلدية. ولكن بطء صدور الأحكام القضائية يمثّل إشكالا اليوم. ولهذا من الضروري وجود قضاء انتخابي يكون مختصّا في القضايا الانتخابية ويتعامل بشكل سريع مع الإحالات والجرائم الانتخابية.
تصاعدت وتيرة عمليات سبر الآراء في المدّة الأخيرة وخلقت جدلا كبيرا حول مصداقيتها ومدى تأثيرها على خيارات الناخبين. ما الإجراءات التي قد تتّخذها الهيئة للحدّ من نزيف توجيه النّاخبين؟
الجميع يعلم أنه لا يوجد قانون يضبط عمليات سبر الآراء إلى اليوم. لكن في المقابل هناك جمعيات ومؤسسات أخرى تقوم بالرقابة والتدخل وإمكانية رفع قضايا. أمّا الهيئة فستقوم بالتدخل خلال انطلاق الحملة الانتخابية من خلال ممارسة دورها الرقابي ضدّ كلّ من سيوظف الإشهار السياسي أو استعمال لموزع الصوت للتأثير على الناخبين. كما ستقوم الهيئة بمنع عمليات سبر الآراء أثناء خروج الناخب من مكتب الاقتراع ومنع نشر أيّ نتائج لهذه العمليات قبل أن تعلن الهيئة رسميا عن النتائج الأولية حتى لا تقدم أرقاما ومعطيات قد تؤثر فيما بعد على المعطيات التي قد تقدمها الهيئة وتتسبب في إشكالات مع الأحزاب المترشحة.
لكن عموما وبما أننا في فترة انتقال ديمقراطي ونظرا للقيمة الاعتبارية للهيئة فإني أعتقد أنّ التشهير بكل من يتعمد التأثير على الناخبين مهم جدا. والأمر غير مستعبد عن مداولات مجلس الهيئة صاحب القرار. أي أنه من الوارد – وبعد أن تدارس وتكييف التجاوزات بحق توجهات الناخبين – أن يتخذ قرار بإسقاط قائمات انتخابية ثبت توظيفها لشركات سبر الآراء. وبالنظر إلى الجدل الحاصل وتواتر الأسئلة حول مصداقية نتائج بعض مؤسسات سبر الآراء وأيّ دور للهيئة فإنّ مجلس الهيئة ناقش مؤخرا إمكانية إصدار ميثاق أخلاق سياسي للأحزاب السياسية ومدونة سلوك موجّهة إلى مؤسسات سبر الآراء من أجل ضمان انتخابات تشريعية ورئاسية شفافة ونزيهة.