حاتم بوكسره
قال منير زعرور مدير السياسات والبرامج للعالم العربي والشرق الأوسط بالاتحاد الدولي للصحفيين لجريدة “صوت الشعب”: “إنّ وجود اتفاقية إطارية لقطاع الصحافة يُعتبر أمرا جيدا بشكل عام على أن تتلو هذه الاتفاقية مجموعة من القوانين أو الاتفاقيات التفصيلية (الملاحق التنفيذية) التي تثبّت هذا المنجز وتضمن بشكل فعلي الحقوق المهنية للصحفيين”، مذكّرا في الآن ذاته بوجود تنافس على التمثيلية التفاوضية في تونس على حد تعبيره. أمّا في سؤال خاص حول الوضع في تونس والتخوفات المطروحة من انحسار مساحة حرية الصحافة وارتباطها بالأوضاع المادية والمهنية للصحفيين فقد شدد “منير زعرور” على أنّ هذا التخوف أمر ضروري لا يخصّ تونس وحدها فقد سبقتها أو تُزامنها تجارب مثيلة تشهد مثل هذه المخاوف خاصة إذا أضيفت إلى هذه المخاوف مسائل تخصّ الأمن أو مخاوف اقتصادية من أجل التّخيير بين الحرية والأمن العام أو بين الحرية والأمن الاقتصادي.
مخاوف على مستقبل الصحافة في ظل هيمنة الشركات العالمية الكبرى:
وجاء هذا التصريح على هامش افتتاح المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين الذي تحتضنه تونس من 11 إلى 14 جوان الجاري. وقال “منير زعرور” إنّ جزءا مهمّا من أشغال المؤتمر يتمحور حول الإعلام الرقمي وكيف يمكن ضمان مستقبل ملائم للصحافة الرقمية بحيث أنها تحافظ على قيم الخدمة العمومية وتحافظ على الجانب المهني وأخلاقيات المهنة في ظل سيطرة غير مسبوقة لبعض الشركات العالمية الكبرى مثل “غوغل” و”الفايس بوك” وغيرها والتي استطاعت أحكام قبضتها على أكثر من 70 بالمائة من اقتصاد الإعلام العالمي في هذا النوع من الصحافة بما في ذلك العائدات المالية والإشهار وغيرها.
وأكّد “زعرور” أنّ الصحافة لا يمكنها في ظلّ هذا الوضع مقاومة ومنافسة مثل هذه الشركات الكبرى إلاّ بالبحث عن نماذج وأطر تشريعية تستطيع النقابات المهنية في كل الدول فرضها في الواقع من خلال التحرك الجماعي والنضال النقابي العالمي الموحّد على حدّ تعبيره.
الحرب غير مقتصرة على حرية التعبير والصحافة فقط
كما سيناقش المؤتمرون مسألة شديدة الخطورة تعاني منها الصحافة “الكلاسيكية” وهي تبدو حسب رأيه أخطر من الاعتداء على حرية التعبير والمنع من النشر والتقييد ألا وهي ملأ الفضاء الرقمي بالأخبار المزيفة. فالصحفيون يحاربون على عدة جبهات وهي مقاومة التضييقات على حرية التعبير وانتشار الأخبار الكاذبة من جهة إضافة إلى الحرب الاقتصادية من أجل إيجاد منوال اقتصادي يضمن لهم الاستمرارية والبقاء من جهة ثانية.
وسيركّز المؤتمر أيضا على التحديات المتعلقة بسلامة الصحفيين الجسدية والسلامة المهنية وسيعرض المكتب المتخلي على المؤتمر مشروع “معاهدة دولية جديدة مخصصة بسلامة الصحفيين” كان قد أطلقها الاتحاد الدولي كمبادرة منذ سنتين وسيتم أخذ موافقة المؤتمر عليها من أجل المضيّ بها وتقديمها إلى الأمم المتحدة من أجل إطلاق معاهدة تضمن التحقيق في الانتهاكات التي تطال الصحفيين في مختلف أنحاء العالم وتضمن عدم الإفلات من العقاب وإنهاء مسألة الحصانة في قتل الصحفيين وهي مسألة شائعة ومنتشرة في العديد من المناطق التي من بينها المنطقة العربية والتي يتعرّض فيها الصحفيين بشكل يومي إلى القتل أو إلى التهديد بالقتل.
وجود نقابات ضعيفة أفضل من عدم وجودها
وفي رده عن التهديدات التي قد تطال جسم الاتحاد الدولي للصحفيين بوجود نقابات ضعيفة وغير قادرة على التأثير في محيطها أكّد “محدثنا” أنّ جزءا أساسيا من مهمات الاتحاد الدولي للصحفيين هي تعزيز وتقوية النقابات التي “لاتولد قوية بطبيعتها” على حد تعبيره، معتبرا أنّ وجود “نقابات ضعيفة أفضل من عدم وجود نقابات” لأنّ القوة النقابية تكتسب من خلال تراكم النضالات والخبرة وتراكم الإنجازات فمن هو ضعيف الآن من المفروض أن يصبح قويا بعد سنوات إذا حافظ على المبادئ النقابية التي أسست من أجلها النقابة فهي ليست مهتمة فقط بالجانب الاقتصادي والاجتماعي. ويبقى أحد الأدوار الرئيسية للاتحاد هو تقوية هذه النقابة من أجل دفعها في المسار الذي أسست من أجله.
ويناقش ممثلو 187 نقابة وجمعية من مختلف دول العالم على مدى ثلاثة أيام وإلى غاية الغد الجمعة 14 جوان حصيلة الفترة النيابية للهيئة التنفيذية المتخلية والمصادقة على خطة عمل الاتحاد في الفترة النيابية القادمة إضافة إلى انتخاب هيئة تنفيذية جديدة ورئيس للاتحاد للخمس سنوات التالية.