الرئيس قيس سعيد :
عليك أن توضح خفايا زيارة أردوقان الفجئية
وأن تعتذر للشعب التونسي
أولا : كيف لرئيس دولة ذات سيادة أن يرضخ لاستقبال رئيس دولة أخرى لم يسبق له أن يوجه له دعوة رسمية ولم يعلم بها إلا في آخر لحظة كما لو كان يعمل تحت إمرته أو هو مجرد وال على رأس ولاية تابعة له؟
السيد قيس سعيد : تونس كفت عن أن تكون ولاية تابعة للإمبراطورية العثمانية من زمن بعيد وهي من المفروض دولة مستقلة في قرارها السياسي والديبلوماسي ورئيسها المنتخب من طرف الشعب لا يأتمر بأوامر أي رئيس في دولة أخرى وله الحق في استقبال من شاء من الرؤساء الأجانب متى شاء وحسبما تقتضيه خطة تونس في تنشيط علاقاتها الديبلوماسية مع الاجوار والاشقاء والأصدقاء. السيد الرئيس لقد أهنتنا وغمست أنوفنا في التراب وعليك أن توضح لنا وأن تعتذر للشعب التونسي عن هذه الإهانة.
ثانيا : ما معنى أن تنجر وانت رئيس تونس المنتخب لتستقبل اردوقان دون علمك بالزيارة ودون أن توجه له الدعوة فقط لأن الغنوشي دبر هذه الزيارة سرا دون علمك ومن وراء ظهر المصالح الديبلوماسية التونسية الرسمية. لذلك عليك أن توضح لنا إن كنت انت الرئيس أم انك رئيس صوري ومجرد عون تنفيذ لأجندات الغنوشي الذي يضطلع بمهمة الرئاسة الفعلية والحقيقية؟؟
لذلك عليك أن توضح لنا وأن تعتذر للشعب التونسي الذي صدق خطبك الرنانة وانتخبك رئيسا لتونس.
ثالثا : السيد قيس سعيد استقبلت في المدة الأخيرة فايق السراج معبرا بذلك عن انحيازك الواضح لطرف دون آخر في الصراع الطاحن الجاري في ليبيا الشقيقة وانت تعلم جيد العلم – كأي مواطن بسيط في تونس – أن لهذا الصراع تداعيات مباشرة وخطيرة على بلادنا. ويمثل موقفك الارتجالي قفزة في الهواء تضع مصلحة بلادنا ومستقبل العلاقة مع ليبيا موضع مخاطرة وخيمة العواقب. إن سوء تقديرك للانجرار وراء محور السراج – تركيا – قطر الذي همست لك به حركة النهضة من شأنه أن يكبدنا أكثر من خسارة وانت تعلم أن مجريات المعارك العسكرية على تخوم طرابلس وبالقرب من حدودنا الشرقية والمعابر البرية مع ليبيا تؤشر إلى اتجاه الأمور في غير هذا المحور اللهم إلا إذا جرى تدخل عسكري خارجي لصالح السراج. ولا أظنك لا تدرك أن أي تدخل عسكري تركي – كما هو مرتقب قريبا – سيستفز تدخلات أخرى من المحور المقابل ما يعني أن نطاق المواجهات العسكرية سيتوسع ويشتد وسينجر عن ذلك أكثر من خطر على تونس أمنيا واقتصاديا واجتماعيا.
ولهذا السبب أيضا عليك أن توضح لنا دوافعك في اتخاذ مثل هذا الموقف المنحاز وعليك أن تعتذر للشعب التونسي لأن علاقات بلادنا ليست مجال عبث أو ارتجال ولا يمكن أن تكون رهينة لنزواتك وتقلب مزاجك.
رابعا : السيد الرئيس قيس سعيد بادرت في المدة الأخيرة وفي حركة مستعجلة باستقبال وفد عن مجلس القبائل الليبية – القوة الاجتماعية الضاربة في ليبيا – بحسابات الأكيد أنك أسأت تقدير نتائجها. كنت تعتقد أنك بهكذا مبادرة ستمسك بالورقة الأكثر قوة وتأثير وضغط على الفرقاء العسكريين في ليبيا ولكن غاب عنك أن هذه الخطوة هي من الأسباب التي عجلت بمجيء اردوفان ليحذرك من اللعب بالنار وليصدر لك أوامره بالتنحي عن هذه المساعي بل وبالعكس مما كنت تحسب جاءك ليعلمك رسميا أنه يستعد للتدخل عسكريا في ليبيا. وانت تعلم أن البرلمان التركي كان مجتمعا ساعة اجتماعك به ليقرر بشأن التصديق على قرار الغزو العسكري لليبيا بمقتضى الاتفاقية الممضاة مع السراج. جاءك اردوقان ليقول لك ان لا سبيل للتفكير في الضغط على السراج سواء بالاصطفاف مع حفتر ولا حتى مع طرف محايد ( القبائل ) ولا موقف غير الانحياز للسراج أسوة بحركة النهضة والغنوشي. والأخطر من هذا جاء ليطلب منح جيشه البري تسهيلات لوجيستيكية للولوج الى التراب الليبي تماما كما منحت تونس تسهيلات للناتو سنة 2011 للإطاحة بالقذافي. وهل نسيت أن تركيا دولة أطلسية وسبق لها أن شاركت في عدوان 1986 على ليبيا وعلى سوريا وأن قاعدة انجرليك كانت منطلقا لأعمال عسكرية عدوانية ضد أكثر من مكان في الوطن العربي؟؟
لذلك عليك أن تكشف للشعب التونسي الاتفاقيات السرية التي عقدتها مع اردوقان وان توضح لنا خفايا محادثاتكم وأن تعتذر للشعب التونسي عن كل هذا.
خامسا : السيد الرئيس كيف تسمح لنفسك للضحك علينا؟ ففيما كان أردوقان يروج لنواياه العسكرية والأمنية ولأطماعه الجيواستراتيجية حاولت أنت حرف انتباهنا إلى ” الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية ” محاولا إقناعنا بأن الزيارة ستأتي لنا بالخير العميم متناسيا أن واحدا من أسباب انخرام ميزاننا التجاري وبالتالي أزمتنا الاقتصادية هو الاتفاقية التجارية اللامتكافئة مع تركيا هذه الاتفاقية العزيزة على قلب حركة النهضة منذ حكومة الجبالي.
اسمح لي السيد الرئيس أن أقول أنك كشفت عن محدودية مخيفة في التفكير وخفة لا متناهية في التعاطي مع مؤسسات الدولة ومصالح البلاد والشعب وأنك لا تصلح لمثل هذه الخطة على رأس الدولة. لكن ومع ذلك عليك أم توضح التوضيح وأن تعتذر للشعب التونسي عن استخفافك به وبذكائه.
جيلاني الهمامي