اختلفت التقييمات على المستوى الطلابي إثر تصريح وزير التعليم العالي والبحث العلمي بإمكانية اعتماد التعليم عن بعد وسيلة لتعويض الدروس الحضورية في حال تأجيل العودة الجامعية لما بعد موفّى شهر مارس أو بحلول تاريخ 04 أفريل، موعد انتهاء فترة الحجر الصحي العام الذي تشهده البلاد التونسية كأداة للتوقّي من فيروس كورونا المستجد، تقييمات اختلفت بين مؤيّد ورافض وكلّ يعتمد على عدد من الحجج.
وكان الاتحاد العام لطلبة تونس قد حدّد موقفه من هذه التجربة مباشرة إثر تصريح الوزير وأعلن رفضه المطلق لها وتمسّكه بضرورة ضمان المساواة بين كافة الفئات الطلابيّة وضمان حسن التكوين الأكاديمي وعدم المساس بقيمة الشهادة العلمية.
إنّ الاتحاد العام لطلبة تونس يعتبر أنّ أرضية التعليم عن بعد في الوقت الحالي لن تساهم إلاّ في مزيد تعميق الأزمة التي تمرّ بها الجامعات التونسية، التي تحتلّ آخر المراتب على المستوى الدولي، إضافة إلى أنها تتناقض وأحد الشعارات المركزية للاتحاد “جامعة شعبية – تعليم ديمقراطي – ثقافة وطنية”. فبدراسة خيار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ومنهجية التعليم عن بعد التي سيقع اعتمادها، تبيّن بالكاشف أنّ هذه العملية لن تضمن التعليم إلاّ لفئة معيّنة من الطلبة على حساب الفئات الأخرى، فضلا عن أنّ المنهجية المزمع اعتمادها في عملية التدريس عن بعد لا ترتقي إلى المقاييس المتعارف عليها أكاديميا بحكم الإمكانيات اللوجيستية المتوفّرة حاليا وهو ما يؤكده بيان وزارة تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي الذي تدعو فيه الشعب التونسي إلى الاستعمال المسؤول لشبكة الأنترنات لضمان العمل عن بعد والتعليم عن بعد في أحسن الظروف. إنّ هذا البيان في حدّ ذاته يؤكد أنّ الموقف الأسلم هو العدول عن هذه التجربة نظرا للعوائق العديدة المتعلّقة بالاتصال الرقمي والذي يتطلّب تهيئة بنية تكنولوجية واسعة في المجال الرقمي.
وفي هذا السياق أصدرت الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي، المنضوية تحت راية الاتحاد العام التونسي للشغل، بيانا للعموم ترفض فيه مقترح التعليم عن بعد بالنظر إلى الإشكاليات المطروحة وتدعو فيه إلى مواصلة الاعتماد على نمط التعليم الحضوري، الأمر الذي وضع وزير التعليم العالي “المستجد” في مأزق خاصة وأنّه أوّل قرار يتخذه منذ تولّيه المنصب على رأس الوزارة ليختار في الأخير نقل المعركة من مجال البحث عن الحلول اللاّزمة لإنقاذ السنة الجامعية إلى مجال إنقاذ قراراته بحلول وهميّة مستندا في الأثناء على بيان مجموعة “إجابة” التي تعبّر فيه عن اصطفافها إلى جانب الوزير في ما يخصّ إقرار نمط التعليم عن بعد. وهذا ليس بالغريب عن هذه المجموعة التي أصبح مكشوفا للجميع أنّ آخر اهتماماتها هي مصلحة الطلبة الذين لم ينسوا بعد مشكلة الامتحانات التي رافقتهم لسنتين، ناهيك وأنّ المنظمة الطلابية الموازية نفسها تشهد تململا بهذا الشأن.
مازال من المبكّر حسم مصير السنة الجامعية ولا داعي للتّسرّع في اتّخاذ قرارات قد تكون عاقبتها وخيمة والحال أنّ الحلول البيداغوجية متوفّرة ومتعدّدة، منها على سبيل الذكر التخفيف من عدد الدروس المتبقّية أثناء السداسي الثاني وإلحاقها بالسنة الجامعية القادمة في شكل أرصدة للاستكمال ضمانا لقيمة الشهائد الجامعية.
وإن كنّا نتمنّى سلامة أفراد المجتمع التونسيّ من الأزمة الناتجة عن فيروس “الكورونا” المستجد في البلاد التونسيّة وخروجهم بأخفّ الأضرار، فإنّه لا يجب تعريض الطلبة لفيروس من صنف جديد بعنوان: التعليم عن بعد.
محمد أمين الشعبوني
عضو المكتب التنفيذي عن الاتحاد العام لطلبة تونس