الرئيسية /
أقلام /
في الرّدّ على وزير الصّحّة: مرافقة الحجر الصّحّي بتكثيف التّحليل المخبري أمر حتمي
في الرّدّ على وزير الصّحّة: مرافقة الحجر الصّحّي بتكثيف التّحليل المخبري أمر حتمي
عقد وزيرا الصحة والداخلية يوم أمس ندوة صحفية مشتركة، انتظرها الرأي العام بفارغ الصبر نظرا لانعقادها بعيد الحوار التلفزي لرئيس الحكومة ونظرا لشكلها المستجد الذي يوحي بأخذ إجراءات جديدة وأنجع لمجابهة الوباء. لكنّ هذه الندوة لم تأت بالجديد المنتظر بل كشفت مرة أخرى التخبّط والارتجال في إدارة الأزمة، تخبّط فضحته دموع وزير الصحة وحديثه عن انفلات منحى تطور الإصابات بسبب خرق الحجر وعدم تطبيق العزل الذاتي، وهو ما يتناقض مع ادّعاء رئيس حكومته منذ يومين بالسيطرة على الوضع والتحكم في منحى تطوّر الإصابات.
كنا قد نبّهنا بعد الحوار الصحفي للفخفاخ إلى التناقض بين خطابه وما يعاينه الجميع من انفلات وتسيّب في الشوارع والأسواق. وكنا عرضنا على الرأي العام قبل ذلك دراسة تثبت تعقّد الحالة الوبائية إذا لم يقع احترام الحجر الصحي العام وإذا لم نعمّم سريعا التحاليل المخبرية لتقدير عدد الحاملين للفيروس. إنّ الحكومة لم تحكم التعامل مع الوباء منذ بداية انتشاره في تونس، حيث تلكأت في تعليق الرحلات الجوية بين تونس وإيطاليا وفرنسا رغم تدهور الوضع الصحي بهذه الدول ورغم تسجيل أولى الإصابات الوافدة منها، وتماهت مع شعبوية بعض رؤساء البلديات الرافضين لفتح مراكز للحجر الصحي للمصابين على التراب الراجع لهم بالنظر. وتساهلت مع المرضى المخالفين للحجر الصحي، ووصل هذا التساهل حدّ التطبيع مع زيارة معتمد لمصاب في منزله. ثم تباطأت الحكومة في الإعلان عن الحجر الصحي الشامل حين بدأ عدد المصابين في الارتفاع رغم مطالبة الإطار الصحي والأحزاب – ومنها حزب العمال- بالإسراع في الإعلان عنه. واستعاضت عن ذلك بإجراءات لا فائدة منها كغلق المقاهي مع الساعة الرابعة وحضر التجول ليلا. إنّ هذه الوقائع تثبت أنّ الحكومة تساهلت في الطور الأوّل للوباء وسمحت بانتشار الوباء في تونس، وهي تتحمّل المسؤولية الأدبيّة والسياسيّة في ذلك.
ثمّ إنّ الحكومة لم تردف قرار الحجر الصحي بتعميم التحليل المخبري لمعرفة العدد التقريبي للحاملين للفيروس. إنّ هذا الإجراء أساسي لضمان نجاعة الحجر الصحي وللخروج منه، ونحن كفريق علمي لحزب العمال نشدّد على ضرورة تطبيقه اليوم قبل الغد. إنّ معرفة نسبة الحاملين للفيروس أساسي لتطويق دائرة العدوى، وبالتالي تقليص عدد الضحايا حتى لا نصل إلى صور كارثية كالتي تحدّث عنها وزير الصحة، صور قد نشاهدها إذا تأخّرنا في تعميم التحاليل، وستتحمّل هذه الحكومة النصيب الأكبر من المسؤولية في حال مات التونسيين على أعتاب المستشفيات إذا لم تنخرط سريعا في ذلك، ولن ينفع حينها دموع الوزير وتذرّعه بتدهور المرفق الصحي، وكيف يكون ذلك عذره وهو الذي فشل في الإشراف على وزارة الصحة بعيد الثورة وتسبّب في نزيف كبير للأطباء نحو الخارج وفي انتفاضة الطلبة الأطباء على مشروع قانونه الشعبوي الذي يقايض تخرّج الأطباء الشبان بالعمل في المستشفيات الداخلية التي تفتقر للحد الأدنى من التجهيز الطبي.
ونحن كفريق علمي نرى أنّ انضباط المواطنين للحجر هو أساس نجاح المقاربة الوقائية التي لا بديل لنا عنها إلاّ المجهول نظرا لتدهور المرفق الصحي في تونس. ونحن نسجل بكلّ أسف أنّ مستوى الالتزام بالحجر لدى عموم الشعب لا يرتقي إلى النسب الدنيا التي تضمن نجاعته. وممّا يزيد الوضع تعكّرا هو انخفاض مستوى الالتزام بالحجر في الأحياء الشعبية والفقيرة، ممّا يعني أنّ الوباء سيفتك أكثر بعموم الشعب وبشرائح العمال والكادحين والمفقّرين مقارنة ببقية بالأقلية الثرية في مجتمعنا.
إننا نتوجّه إلى عموم الشعب وخاصة إلى أبناء الشرائح الشعبية بالدعوة الملحة إلى احترام الحجر الصحي الشامل وتطبيق إجراءات الوقاية وحسن تطبيق العزل الذاتي في حال الإصابة بالمرض والقطع مع كلّ مظاهر التسيب والتهور واللامبالاة. إنّ تطبيق هذا الحجر لا علاقة له بالاستكانة للحيف الطبقي والاجتماعي الذي تكرّسه المنظومة الحالية. بل هو السبيل الوحيد لوقاية عموم الشعب وخاصة أبناء الفئات الشعبية من فتك هذا الوباء. إنّ الاستهتار بصحة الناس والمجتمع هو صفة من صفات البورجوازية المستهترة على مرّ تاريخ بلادنا المعاصر. ولا يجب أن يستشري هذا الاستهتار بين أبناء عموم الشعب والفئات الفقيرة، إنّ المطلوب من الجميع هو ملازمة المنازل ومقاومة نزعات التسيب والانفلات وخرق الحجر، وإلزام الأفراد المصابين بالفيروس في محيطنا بالعزل الذاتي والإعلام عن كلّ الخارقين لهذا العزل.
عن مجموعة البحث العلمي لحزب العمال
الدكتور زياد بن عبد الجليل
2020-04-09
إلى الأعلى