حكومة الفخفاخ والعزف المنفرد في قضية المديونية
تتعالى من كلّ حدبٍ وصوبٍ الأصوات المُنادية بمقاربةٍ جديدة لتناول مسألة المديونيّة التي أضحت عبئا ثقيلا على نموّ الاقتصاد ومجمل التطّور الاجتماعي. فأصوات المطالبين بالإلغاء الجزئي أو الكلّي لهذه الدّيون أضحت منذ انتشار جائحة كورونا الحاضر الأبرز في الخطاب السياسي، ليس فقط وطنيّا وإنّما عالميا أيضا.
ولم تبقَ تلك الدّعوات حِكرًا على القوى الثوريّة والتقدميّة بل تجاوزته إلى دوائر سياسية ومالية بورجوازية كبيرة كانت حتّى وقت قليلٍ ترفض مجرّد الاقتراب النّقدي من هذه المسألة.
تحرّكت الرّياح بما لا تشتهي سفن الطّغم المالية والسياسية وهتكت كلّ مظاهر “التابوهات” وجرفت القداسة الكاذبة عن المديونيّة كما لم يحدث من قبل. فالبابا اختار أمْجدَ الأعياد المسيحية، عيد الفصح، ليطلق بالمناسبة دعوته بإسقاط ديون الدّول الفقيرة، والرئيس “ماكرون” فتى المؤسّسات المالية والشّركات الكبرى في بلاده وأوروبا، الْتقط ذات الدّعوة ووضعها للتنفيذ في المجال الذي تهيمن عليه بلاده (إفريقيا)، وبعدها بأيّام قليلة قرّرت مجموعة العشرين صاحبة النٍّفوذ المالي الأهمّ إسقاط ديون 25 بلدا إفريقيا.
والحقيقة أنّ بلادنا لم تبْقَ بعيدة عن هذه الاستدارة فيما يتعلق بهذه القضيّة الحارقة، إذ برزت إلى السّطح مواقف كثيرة من خلفيّات فكريّة وطبقيّة متباينة (أحزاب ومنظمات وشخصيات وطنية وخبراء في المجال الاقتصادي والمالي…) يصبّ جميعها في ضرورة إيقاف تسديد الدّيون الخارجية، على الأقلّ في هذه الظروف العسيرة، حيث يبدو من غير المستبعد دخول اقتصاد بلادنا في ركودٍ غير مسبوق منذ أكثر من سبعين سنة.
إذن، عديد الظروف والمؤشّرات، وطنيا ودوليا، أضحت مواتية لأن تتحرّك حكومة “الفخفاخ” وتُجنِّب ميزانية الدّولة هدر 11 مليون دينار هذه السّنة لتسديد ديونٍ يقع أغلبها تحت طائلة الدّيون الكريهة.
وحدها حكومة الفخفاخ مازالت مُصِرّة على مقاربةٍ مُوغِلةٍ في المُحافظة والعَمالة المُخزِية حتّى أنّ مسؤولا كبيرا بالصّندوق الدّولي أبدى نوعا من الاستغراب من عدم طلب الحكومة التونسيّة التّفاوض حول هذه المسألة.
عمار عمروسية
2020-04-17
إلى الأعلى