رسالة رئيس الحكومة في خطابه: دولة قويّة وفاسدة
كلُّ أنواعِ الفساد قد تختلفُ في أمورٍ كثيرة، إلاّ في أمرٍ واحد هو: تبادلُ المصالح..
ومن أجل المصالح، تتَواطأُ مع الشّياطين، ضدّ الشعب ..
حكومة ثورية مُصابةٌ بوَباءِ الفسادِ والإفساد ولا تجدُ مَضاضةً في التآمُر بأيّ شيء، من أجلِ مآربَ ذاتية، وأغراضٍ خاصّة..
عصابات ثورية تتَمَركزُ في بعضِ مُؤسساتِ القرار، وتُحيطُ نفسَها بكبارِ المسؤولين، ولا همَّ لها إلاّ الكيْدَ على المجتمعِ البسيط..
عصاباتٌ استَولتْ على مواقعَ حسّاسةٍ في الجماعات المحلّية والبرلمان والحكومة، وكُبْرياتِ الشّركات، وشَكّلَت لنفسِها حزامًا آمنًا ضدّ الطبقة الفقيرة، وحتى المتوسّطة، لحمايةِ مَصالحِها..
وفي منطقِ الفساد، يختفي العِلْمُ والفكر، وتَختفِي الثقافةُ السياسية، وحتى ألوانٌ من الوعي، والمؤهّلاتُ الاقتصادية، ليكُون التآمُرُ على المجتمعِ الفقيرِ هو محورُ النشاطِ المشترَك لمافيات في الحكم بوجوه مكشوفة، أحذيتهم على رقاب الشعب والرّيشة على رؤوس المفسدين.
يتزعّمها رئيس الحكومة الياس الفخفاخ الذب ظهر يوم أمس في حوار على قناتيْ الوطنية وحنبعل واستمات في الدّفاع على صفقة الكمّامات التي تمّ عقدها بين وزارة الصناعة وشركة النائب جلال الزّياتي وكان تجسيدا حيّا لهذه العصابات على أرض الواقع.
الفخفاخ قال أنّ تونس في حالة حرب ضدّ الكورونا وإنه لا وقت للاهتمام بمثل هذه المواضيع التي اعتبرها جانبيّة والفساد اجتهاد حسب قوله. محاولة لتبييض عمليّة تجاوز للقانون وشُبهة فساد تورّط فيه وزير الصناعة (وهو أحد المقرّبين من الفخفاخ) والنائب جلال الزّياتي عن حزب البديل المشارك في الحكومة (وهو أمين عام هذا الحزب) ولعمْري أنها سقطة قانونية و سياسية مدوّية لحكومة مصابة بوباء الفساد في زمن الكورونا.
أنواعٌ وأشكالٌ من العصابات، لكُلّ منها تفَرُّعاتٌ في قطاعٍ مُعيّن.. تعرفُها وتعرفُ مفاصيلَها، وتُتقنُ ضبطَها..
وفوقَ كلِّ هذه الشّبكات، خيوطٌ تُحرّكها، وتُنسّقُ في ما بينها، لإحْكامِ القبضة على هدَفِها المشترَك، وهو إخْضاعُ المجتمع، وجعلِه خَنُوعًا راضيًّا قابلا لحاله من الفقر والجهل، واعتبارِ نفسِه مسؤولاً عن بُؤسِه وجهلِه وانحرافاتِه..
وهذه الشبكاتُ المافيوزية تشتغلُ في اتجاهاتٍ مُتنوّعة، منها تكريسُ الشّعوذة والخرافة، وقَبُولُ أن القُدوةَ هو من يملكُ الثروة، ولو بطرُق مُلتوية. وتوحّدت قوى الفساد مع منظّمة الأعراف وفيروس كورونا ضدّ شعب أعْزل وبدأ المستور يتكشّف، من الحرب على الوباء إلى الحرب على الكادحين والشّغّالين.
ومن هذا المنظور، يَقبَلُ المجتمعُ البسيطُ أنه هو المسّؤولُ عن انتخاباتٍ فاسدة، وديمقراطيةٍ غير سويّة، وحُكومةٍ تُتاجرُ في أرواح العباد، وبرلمانٍ مُشَكَّلٍ من لصوص، وصمتٍ شعبي مطلَق عن كل ما هو فساد، بل واعتبارِ الفسادِ النموذجَ التّنمويَّ الأمثَل..
عصاباتٌ تقومُ ليلاً ونهارا بتدبيرِ وتسييرِ عقليةٍ شعبيةٍ مُتمسّكةٍ بالتقاليد والخُزَعبلات، وتُضفي عليها طابعَ القدَاسة..
وفي نفس الوقت، تُشجّعُ على عدم احترام الوقت، وعدمِ احترام المعلّم النزيه، والموظفِ النزيه، وكلِّ ما هو نزاهةٌ في طُولِ البلادِ وعرضِها..
وفي نفسِ الوقتِ أيضا، تجدُ مُبرّراتٍ لانتشارِ الفساد، وما يَحتضنهُ من جاهلية، وتفقيرٍ ودفعٍ بالتعليمِ إلى مزيدٍ من التّقهقُر فبات الفساد اجتهادا و الاقتطاع تبرّعًا، وخلقِ بيئةٍ لمزيدٍ من البطالةِ، وانعدام مَرافقِ الصحة، مع محاربة كل ما هو فكرٌ وعقلٌ وإعمالٌ للضّمير..
هذه الشبكةُ تقفُ أيضا وراء مُحاربةِ الحقوق الاجتماعية المشروعة، وحُقوقِ المرأةِ والطفل، والتحريضِ على مزيدٍ من التّشريد والتشرُّد والضياع الاجتماعي..
هذه العصاباتُ الثورية لا تريدُ لنا إلا مزيدًا من التخلُّف.. والفقر
وإنْ آجلاً أم عاجلاً، لن تجدَ لها مَفرًّا من قفَصِ الاتّهام، أمام عدالة الشعب!
والعدالةُ حتمًا في الطّريق.. قادمةٌ بلا شك..
رضا الجلّولي
2020-04-21
إلى الأعلى