تعيش مدينة الهوّارية وأريافها كغيرها من مناطق ولاية نابل والبلاد التونسية على وقْع الحجر الصحّي العام وحركيّة مقاومة هذا الوباء في ظلّ أزمة اجتماعيّة خانقة مسّت كلّ الفئات، خاصة الهشّة منها على غرار مَحْدودي الدّخل والحرفيين والبحّارة والعمال اليوميّين وصغار الفلاحين والتجّار والناشطين في قطاع الصيد البحري، كما مسّت كل القطاعات بدون استثناء كالفلاحة والصّيد البحري والسياحة والخدمات والصناعة وغيرها…
ورغم بعض مجهودات السلط المحلية تبقى الإجراءات الحكوميّة دون تطلّعات المواطنين والمواطنات وأدخلت عليهم الكثير من الارتباك والحيْرة نظرا للأعداد الهائلة من الأشخاص المتضرّرين، حيث بلغ عدد مطالب الرّاغبين في الانتفاع بالمنحة الاستثنائية المقدّرة ب200 دينار أكثر من 10 آلاف مطلب دون اعتبار أعداد أصحاب “الباتيندات” الذين تعطّلت أنشطتهم وتضرّرت موارد رزقهم فأصبحوا في حَيْرة من أمْرهم وازدادت مخاوفهم في ظلّ وضعٍ يتّسم بالضّبابية وغياب رؤية واضحة لما يُخفيه قادم الأيام وأمام مستقبل ينبؤ بأزمة اجتماعية غير مسبوقة لا إرادة واضحة وفعّالة من قبل السّلط لاحتوائها ولا أملاً واضحًا في الخلاص منها لدى عامّة الناس.
وفي هذا المناخ يعيش الفلاحون كغيرهم على موسمٍ يسير نحو المجهول، حيث ارتفعت أسعار المواد الفلاحية وكثُرت المصاريف وغابت الإجراءات الحكوميّة لدعم قطاعهم المهمّش منذ زمن طويل وتضاعفت دُيونهم وتكبّلت أنشطتهم رغم ثُبوت أهمّية القطاع ألفلاحي عالميّا ووطنيا باعتبار قدرته على إنقاذ الشعوب في ظلّ أزمة صحّية واقتصادية بيّنت هشاشة أغلب المنظومات الاقتصادية القائمة على التّصنيع والخدمات والمحروقات وعلى تأمين الأساسيّات من تغذيةٍ وماءٍ وصيدٍ بحريٍّ ودواجن، وكان من الأجدر إيلاء هذا القطاع المركزي دعمًا استثنائيًّا لمجابهة التّداعيات التي نتجت عن تفشّي الوباء من إجراءات وقائية وحمائيّة اتّخذتها الدول العالم، كإغلاق الحدود وتقلّص أنشطة التّوريد والتصدير.
وبالعودة إلى الهوّارية، فإنّ المطلوب هو اتّخاذ إجراءات أكثر فاعليّة ومحفّزة لهذا القطاع الأساسي في الجهة كإلغاء ديون صغار الفلّاحين وتحفيزهم بمِنَح عاجلة واستثنائيّة وإعفائهم من فواتير استهلاك الكهرباء وتشديد الرّقابة على وسائل نقل عاملات وعمّال الفلاحة، فمنْ غير المعقول تواصل نقْلهم في شاحنات مُعِدّة لنقل البضائع ولا تتوفّر بها أدنى شروط السّلامة دون اتّخاذ إجراءات ردْعيّة في حقّ المخالفين ومُجرمي “الحرب” على الفيروس.
أيضا، لا بدّ من معالجة مسألة الماء الصّالح للشّراب في الجهة خاصّة أمام منع شاحنات بيع الماء من استغلال بئر سيدي داود ممّا اضطرّ جلّ العائلات بالجهة إلى استهلاك ماء “الصّوناد” الغير صالح للشراب، فمناطق كسيدي مذكور والشرف تستهلك ماء “الصوناد” الغير صحّي، جرّاء ترسّب الصّدأ لأكثر من سنةٍ في القنوات دون تدخّل من إقليم الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه.
وفي غمرة انشغال الرّأي العام بالقضايا الطّارئة والمستجدّة، طارئ الوباء أساسا، لا يجب التّغافل عن موضوع التلوّث بالجهة النّاتج عن مخلّفات الوحدات الصّناعية، بسيدي مذكور وصاحب الجبل وبُرج الصّالحي، وتعطّل المشاريع التي يجب تحويل اعتماداتها إلى قطاعات ومناطق أخرى.
عدنان غرس الأحمر
الهوارية/نابل