عمار عمروسية
أيام قليلة بعد انتصاب منظومة الحكم الجديدة ببلادنا حتّى تسارعت وتائر التعيينات من جانب مختلف مراكز الحكم وأصبح من العسير حصر التّسميات الواردة بالرّائد الرّسمي.
فالأخير يعرف حركية غير مسبوقة بالمكلفين الجدد في خطّة مستشارين عاديين وفي أحيان أخرى برتبة وزير خصوصا لدى رئاسة الحكومة ورئيس مجلس النّواب.
فالكلّ يسابق الزمن لتوسيع حاشيته بعيدا عن الجدوى والكفاءة ويدور في فلك الأقارب وألأصحاب وفق منطق الغنيمة مع أجهزة الدّولة ومقدّراتها المالية.
فالكثير من تكليفات هذه الأيام بالنّظر إلى عديد الوجوه الواردة بالرّائد الرّسمي تدخل في باب التّرضيات الحزبية ومعالجة بؤر خلافات متصلّة بمشاكل عرفتها بعض أحزاب الحكم.
فالرئاسة التي حاولت في الأسابيع الأولى ضبط إيقاع التعيينات لتعزيز صورة “الزّهد” و”البساطة” انتقلت إلى أخذ منابها والمناب مازال مفتوحا.
أمّا حكومة “الشفافية” و”إعادة الثّقة” وما رافق تشكيلها من مزاعم “الحكومة المصّغرة”!!!! فقد دخلت منذ الولادة في لعبة “الحمرا كحلة”. فهي حكومة موّسعة ولا تختلف كثيرا عن سابقاتها إن في العدد أو في هيكلتها.
فهي مثقلة عدديا ليس لضرورات العمل لمصلحة البلاد وإنّما لحتميّة التوافق الحكومي الذي تحكّمّ في الهيكلة.ولعلّ مثالا وحيدا يعطي الدّليل على قولنا ونعني وزيرا مكلّفا بالعلاقة بالمجتمع المدني وآخر بالبرلمان!!!
والملفت للإنتباه أنّ رئيس الحكومة مازال يمطر الرأي العام بالتّكليفات الجديدة من محيط معارفه وحزبه وحليفه “حركة النهضة” بما يوحي أنّه أخذ على عاتقه ما عجز عنه رئيس هذه الحركة.
يحدث كلّ هذا والبلاد تعيش على إيقاع التداعيات الخطيرة لجائحة كورونا على الاقتصاد والشعب ووسط خطاب رسمّي يدعو إلى التقشف والتضحيّة!!!!
فالعدد الجملي للمستشارين بلغ وفق متابعين كثر حوالي 100 شخص متحلّقين مثلما أسلف حول الرئاسات الثلاث ينعمون بالجرايات العالية والامتيازات الكبيرة.
والحقيقة أنّ استمرار هذا الوضع وعدم مراجعته فورا يعطي دليلا ملموسا على زيف شعارات التّضحية وتقاسم الأعباء الخ… ويفتح مباشرة على إمعان هذه المنظومة من جهة في سياسات الهدر والفساد ومن جهة أخرى على تحميل أعباء الأزمة كالعادة لضحاياها من العمّال والأجراء وأغلب الفئات الشعبية.