رغم الظرف الاستثنائي بسبب أزمة فيروس “كورونا” قدّمت النقابة الوطنية للصحفيّين التونسيّين تقريرها السنوي بمناسبة اليوم العالمي لحرّية الصحافة يوم الأحد 3 ماي الجاري أثناء نقطة إعلامية بمقرّها. وقد كشفت من خلال التقرير أنّ السلطة السّياسية مازالت تخيِّر إعلاما خانعا وفاسدا توجّهه مثلما تشاء، على إعلام جيّدٍ ومستقلّ يحاسبها ويسائلها ويكشف ما لا ترغب في كشفه. كما أعلنت النقابة عن تواصل الانتهاكات الجسدية والمعنويّة ضدّ الصحفيين، والتّضييقات ضدّ المدوّنين وتواصل تعطيل الإصلاحات القانونية.
وخلال الفترة الممتدّة بين غرة ماي 2019 و30 أفريل 2020- رصدت النقابة تسجيل أعلى نسب للاعتداءات ضدّ الصحفيين مقارنة بالسّنوات الفارطة حيث سجّل 193 اعتداء طال 194 صحفية وصحفيّا، وتمّ تسجيل 303 حالة طردٍ لصحفيّين من بينهم أكثر من 190 حالة طرد خلال أزمة فيروس “كورونا” وأكثر من 432 إعلاما بعدم خلاص الأجور في وقتها منها أكثر من 100 حالة منذ انطلاق الأزمة، وهو ما اعتبرته النقابة مؤشّرا خطيرا يهددّ المِهنة ويرفع من حالات التشغيل الهشّ للصحفيّين.
حول هذا التقرير وملفات أخرى تهمّ القطاع، حاورت “صوت الشعب” فوزية الغيلوفي عضو النقابة الوطنية للصحفيّين التونسيّين.
حاورتها فاتن حمدي
تزامن إحياء اليوم العالمي لحرية الصّحافة مع أزمة فيروس “كورونا”. كيف تقيّمون واقع السلطة الرّابعة اليوم؟
للأسف، الوضع خطيرٌ جدّا في قطاع الإعلام، خاصة في هذه الظروف الاستثنائية. فقد عاينت النقابة الوطنية للصحفيّين التونسيين فقدان 190 صحفيّة وصحفيا لعملهم خلال الشهرين الأخيرين، وهو ما يُنذر بأزمةٍ كبيرة تعيشها وسيعيشها القطاع زمن “الكورونا” وبعدها، ما يجعل القطاع عُرضة للتّضييق عليه ومزيد تهديد للحرّيات.
تعيش الصحافة المكتوبة والالكترونية منذ مدّة صعوبات كبيرة ممّا أدّى إلى إيقاف صدور عدة صحف ورقية وطرد اكثر من 100 صحفي. كيف تعلقون عن ذلك؟
قطاع الصحافة الورقية يعرف أزمة حقيقيّة في ظلّ غياب وكالة إشهار عمومية تنظّم التوزيع العادل للإشهار من أجل مساعدة الصحف والحفاظ على ديمومتها. وقد لاحظنا خلال السنوات الأخيرة إغلاق عديد الصحف الورقية بسبب الإفلاس وعدم قدرتها على ضمان الحدّ الأدنى من خلاص الصحفيّين، ما أدّى إلى إحالة عديد الصحفيّين على البطالة الإجبارية، في المقابل بدأت الصحافة الالكترونية في الصعود شيئا فشيئا نظرا لكلفتها المنخفضة وسهولة وصولها إلى المتلقّي أمام التطوّر التكنولوجي اليوم.
في ظلّ أزمة الوباء اليوم، لم نشهد أيّة إجراءات حكوميّة لفائدة الصحفيين على غرار ما تمّ اتّخاذه لفائدة قطاعات وفئات أخرى وهذا ما فاقم صعوبات الصحفيين، ما هو موقف النقابة من ذلك؟
بخصوص تدخّل الحكومة في ظلّ هذه الأزمة، لا وجود لإرادة سياسيّة لإنقاذ قطاع الإعلام حيث تمّ استثناء القطاع من كلّ الإجراءات التي قامت بها الحكومة لتجاوز أزمة “كورونا”. فكلّ الحكومات المتعاقبة تسعى، وإلى اليوم، إلى إضعاف قطاع الإعلام وتفقير أبنائه من أجل السّيطرة عليه واستغلاله ليكون بوق دعاية لديها ولأجنداتها كما كان الحال قبل الثورة. ولهذا حمّلت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين اليوم في تقريرها السنوي الحكومة مسؤوليّتها في غياب دعمها للإعلام وخاصة الصحافة المكتوبة والإعلام العمومي، ودعتها إلى اتّخاذ إجراءات ملموسة عاجلة لفائدة القطاع.
منذ بداية أزمة فيروس “كورونا” تنامت ظاهرة الأخبار الزائفة والشائعات، وقد ساهم فيها عدد من الصحفيّين. كيف تعلّقون على هذه الظاهرة؟ وما هو المطروح اليوم على الصحفي أثناء تغطية الأزمات؟
لقد اشتغلت لجنة أخلاقيات المهنة بالنقابة كثيرا على موضوع الأخبار الزائفة وخاصة في زمن الكورونا، وأصدرت لهذا الغرض بيانات فيها مواقف واضحة ترفض مثل هذه الممارسات. وأذكّر أنّنا صلب النقابة دائما ما ندعو كافة الصحفيين إلى الالتزام بأخلاقيات المهنة وضرورة التقصّي في المعلومات قبل نشرها للمواطن المتلقّي. فمن واجب الصحفي أن يقدّم معلومات صحيحة، لكن للأسف هناك وسائل إعلام تعتمد على نشر أخبار زائفة من أجل تحقيق “البوز” ونِسَب مشاهدة أو استماع مرتفعة إضافة، إلى بعض مُنتحِلي صفة صحفي الذين يشوّهون القطاع بمثل هذه الممارسات.
حسب رأيكم ما هي أهم المخاطر التي تستهدف حرية الصحافة وحرية التعبير اليوم؟
ما يستهدف حرية الرأي والتّعبير اليوم هو سعي السّلطة إلى وضع يدها على قطاع الإعلام من خلال تفقير وتهميش الصحفيّين، إضافة إلى عدم وضع سياسة عمومية للإعلام واستراتيجية واضحة للنهوض به وتشجيع صحافة الجودة. ولهذا أطلقت النقابة بمناسبة 3 ماي الجاري “بارومتر” الإعلام العمومي سيقوم برصد عمل الدولة في النهوض بقطاع الإعلام العمومي وإصلاحه، بالإضافة إلى عمل الإعلام العمومي ومدى تنفيذه لأهدافها العامة والمصلحة العامة.
كما ستقوم النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين في الفترة المقبلة بعديد التحرّكات وتكثيف اللّقاءات من أجل إصلاح القطاع وتطويره والحفاظ على كرامة الصحفيّين.