عمار عمروسية
وسط ذهول كبير تابع صبيحة أمس الأحد 03 ماي الرأي العام الوطني مضمون الفصل العاشر من المرسوم عدد 208 لسنة 2020 المتّعلق بإجراءات الحجر الصّحي.
فالفصل العاشر المرتبط بتحديد الأشخاص المشمولين بالحجر أورد الأمّهات اللاتي لهنّ أطفالا أقلّ من 15 سنة!!!! في تناقض صريح ليس فقط مع بعض قوانين البلاد وإنّما أيضا مع الدّستور وتحديدا في الفصل 21 الذي أقرّ بوضوح كبير لا يحتمل الاجتهاد أو التأويل مبدأ المساواة بين الجنسين.
أكثر من ذلك فالفصلين 46 و47 من الدّستور نصّا بذات الوضوح والدّقة على أنّ حقوق الأطفال محمولة على الأبوين.
فصدور المرسوم بالرّائد الرّسمي بذاك المضمون فضيحة حكوميّة متعدّدة الأبعاد، فيها مثلما أسلف جانبها القانونيّ والدّستوري وفيها منطلقاتها الفكريّة المحافظة والمتّخلفة وفيها ضوابطها السياسية الموغلة في الرّجعية المشبعة بالعقلية الذّكوريّة الهابطة بما يخالف القيم الإنسانية التّحررية الشائعة في بلادنا منذ عقود طويلة.
والأنكى من ذلك هو محاولات التّبرير الرّسميّة من قبيل “الخطأ المطبعي”!! فهذه الذريعة ساقطة واستفزازيّة لأسباب عديدة أولّها أنّ مضمون ذاك المرسوم كان محلّ تداول ضمن مجلس وزاري مضيّق وثانيا صدور المرسوم باللغتين في الرائد الرسمي وثالثا اندفاعة السيّد “عبد اللطيف المكّي” في وسيلة إعلام رسميّة للدّفاع عن حجر الأمهات مع أطفالهن الأقلّ من 15 سنة بالاعتماد على قراءة إخوانيّة موغلة في الماضوية المنغلقة.
والحقيقة أنّ تراجع الحكومة عن ذاك المرسوم وتصويبه لم يكن سوى ثمرة موجة الغضب الذي اجتاح الشبكة الاجتماعية من مناصرات ومناصري قيم المساواة والحرية وبالأخصّ الحركة النسوية في بلادنا وإسراع منظماتها الي إصدار بيانات التعبئة والتشهير (مساواة، النساء الديموقراطيات الخ…).
فتراجع الحكومة مكسب مهمّ يحقّ الافتخار به. إلاّ أنّ واجب اليقظة والتعبئة في الأوساط الديمقراطية وأنصار الحرّية مطلوبان على الدوام في وجه منظومة حكم متهوّرة ومندفعة نحو الأسوأ على جميع الأصعدة.