صوت الشعب صوت الحقيقة
محمد الهادي العفيف
اغتيل الشهيد نبيل بركاتي يوم 8 ماي 1987، فكشف بشكل مبكّر الوجه الدموي الفظيع لنظام الاستبداد. وتحوّلت ذكرى اغتياله طيلة عقود إلى لحظة مؤسّسة تطالب بحق شعبنا في حريته السياسية وسيادته على نفسه وإلى مناسبة ترعب الحكام الدكتاتوريين وتربكهم وتشدّ من عزم وصمود مقاوميهم.
نبيل أيقونة النضال ضد الاستبداد
وإلى حد اليوم تمثل حالة تجميع رائعة لكل الديمقراطيين والتقدميين والثوريين والحقوقيين والنقابيين… حول شعار: من أجل تثبيت يوم 8 ماي يوما وطنيا لمناهضة التعذيب. إذ مازال مع الأسف مهمّة مطروحة ومازال البيان “الصراع الدستوري الإخواني لا مصلحة للشعب فيه” السّبب المباشر لاغتيال الشهيد قائما في بعض جوانبه مع تغيير مواقع بعضهم.
ولئن كانت ظروف اعتقال واستشهاد الشّهيد وسيرته النضالية سياسيّا واجتماعيا واضحة ومعلومة، فإنّ جانبا منها بقي مطموسا وفي الحد الأدنى يقع تناوله على الهوامش لأسباب عديدة وأغلبها موضوعي اعتبارا لهيمنة السبب المباشر لاغتياله، وهو سياسي بامتياز لطبيعة المعركة الناتجة عنه مع السلطة. وأعتقد أنّ طرحه يعتبر واجبا واستردادا لحق الشهيد لأسباب متعددة لا أنكر أنّ فيها الذاتي ولكن فيها الموضوعي أيضا والقطاعي والهيكلي
الشهيد أحد أبطال معركة استقلالية منظمة حشّاد
ورد في السيرة التي قدمها مشكورا أسامة الراعي (لكي لا ننسى) وغيره من المصادر أنّ الشهيد نبيل بركاتي كُسرت ذراعه سنة 1985 دفاعا عن الاتحاد المحلي للشغل بقعفور في خضمّ أزمة الاتحاد ومعركة الاستقلالية مع السّلطة و”شرفاء” محمد مزالي حِينها والقمع المسلّط من سجون وإيقافات وتعذيب في محاولة لتدجين الاتحاد بالكامل. وبالمناسبة لن ننْسى موقف بعض الأطراف الحاكمة اليوم وباسم الثّورة والديموقراطية من أزمتي 1978 وأزمة 1985 والتحاقهم بركْب السّلطة معتمدة كالعادة على تفسيرات دينيّة كاذبة تعتمد على مصطلحات الفِتنة والتّخريب وهو ما فتئت تجترّه إلى اليوم.
الشهيد نبيل بركاتي عندما كُسِرت ذراعه دفاعا عن مقر الاتحاد المحلي بقعفور كان معلّما، وهو الجانب القطاعي. وكان نقابيا ابن الاتحاد العام التونسي للشغل. ولئن لم تُمْهله الديكتاتورية النوفمبرية أكثر من سنتين لتختطف حياته وتُنهي مسيرته المهنية والنقابية وتحرم المنظمة من أحد خيرة مشاريع كوادرها.
بناء على ما تقدّم فإني أعتبر أنّ تكريم الشهيد نبيل بركاتي أضحت ضرورة ملحة من منظمة حشاد ويتمّ ذلك قطاعيا، جهويا (سليانة) ووطنيا. والأهم من التكريم المناسباتي هو إعادة بعض الدّراسات حول أزمة 1985 وخاصة أحداث الاتحاد المحلي بقعفور وإدراج إسمه كأحد رموز معركة استقلالية الاتحاد بالجهة، وأحد رموز القطاع وطنيا. وهو ما لم يطرح في الاحتفاء بمائوية القطاع أخيرا للأسباب المذكورة سابقا. وتبقى المهمّة المفصليّة وأعتقد أنها تتمثل في انخراط المنظمة بجميع هياكلها في فرض تثبيت يوم 8 ماي يوما وطنيا لمناهضة التعذيب.
كم يتراءى لي فهد سلمان وأنا أتحدث عن نبيل.
