عاشت مدينة بوحجلة من ولاية القيروان اليوم على وقع تجمهر أمواج بشريّة أمام مكتب النهوض الاجتماعي. المئات من المواطنين والمواطنات الذين وضعوا حياتهم في الميزان وتجاوزوا كلّ قواعد الحجر الصحّي دون تباعدٍ جسديٍّ أو كمّامات ليعبّروا عن غضبهم.
نساء ورجال يصرخون ويبكون بحرقة لما نالهم من حيفٍ وظلم من الإدارة والحكومة. الكلّ يؤكّد عدم تلقّيه مطلقا أيّة إعانات اجتماعية من التي كانت قد أعلنت عليها وزارة الشؤون الاجتماعية منذ أفريل الماضي، والكلّ يتساءل متعجّبا أين ذهبت الإعانات؟ في أيّ جيب وإلى أيّ جهة ؟
والحقيقة أنّ معتمدية بوحجلة التي تُعدُّ من أكثر معتمديات القيروان كثافة سكانية: أكثر من 80 ألف نسمة ومن أكثرها تشتّتا سكّانيا وتعتبر نموذجا لانتشار الفقر والمعاناة والتهميش منذ عدة سنوات، زادت أزمة الكورونا من معاناتها. فالحكومات على تعاقبها لا تنفق فيها شيئا أو يكاد: معدل 200 د سنويّا لكل مواطن. فلا غرابة إذن أن تزيد معاناة المواطنين بها خلال أزمة الكورونا الحاليّة.
لقد عَلِقت في الأذهان طوابير العائلات المعوزة في المدينة في أوْج تلك الأزمة في 6 أفريل الماضي كما رسخ في الأذهان أيضا التلاعب بإمدادات السميد والفارينة والمواد الأساسية، والكلّ يذكر كذلك كيف تولّى الاتحاد المحلي للفلاحة والصيد البحري إثْقال كاهل الفلاحين بإتاوة10 د لنقل منتوجهم دون ترخيصٍ أو وصلٍ يثبت الدّفع، بدعوى المساندة لمواجهة الكورونا. المواطنون يستغيثون ويعتبرون أنّ الإعانات الاجتماعية لا تصل إلى مستحقّيها وأنّ خلية النهوض الاجتماعي ببوحجلة تتحمّل مسؤولية هذه الفوضى والتّلاعب في توزيع الإعانات.
وفي بوحجلة التي تمثل الفلاحة فقط مورد الرزق الوحيد تقريبا، والتي تعدّ منتجا أولا للزيتون واللوز والفلفل في ولاية القيروان، لا تخفى على كل متتبّع لأوضاع الجهة الفوارق المهولة في الثّروة بين فئة قليلة من كبار الفلّاحين ومربّو الماشية، وبين الفئات التي لا تجد حتّى عشاء يومها.
في بوحجلة الفقيرة والمهمّشة الاحتقان بلغ مداه، وأهالي المنطقة يزبدون ويهدّدون بأنّ بوحجلة مرشّحة لأن تنطلق منها “ثورة الجياع ” في أيام قادمة.
طارق البرّاق