عمار عمروسيّة
طوت احتجاجات أهالي “حاجب العيون” أسبوعها الثاني على أحسن صورة. ففعاليّات غضب أمس السّبت سجلّت انتقالًا مهمّا في حراكها المستمرّ طال العمق الشعبي وبداية خطف الأضواء جهويّا ووطنيّا.
فمعزوفة المعدمين اليوم لفّت حول أنغامها حوالي 5 آلاف من الغاضبات والغاضبين وأكدّت قابليّة شرائح اجتماعيّة واسعة للانخراط في أنشودة ضحايا إهمال الدّولة وسياسة “الحقرة” والتّهميش. وأنشودة المقصيّين أفلحت بعد صمود الأيّام السّابقة في كسب فتح كوّةٍ في جدار العزلة المحليّة نحو أفق أرحب.
فالاتحاد الجهوي للشغل ب”القيروان” واغلب فروعه المحليّة (نصرالله، حفوز، الشبيكة…) اشتبكت بالحراك وعزّزته، شأنها شأن أغلب هيئات المجتمع المدني (فرعي رابطة حقوق الإنسان الجهوي و”أريانة”، جمعية النساء الدّيموقراطيات، تنسيقية اتّحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل، جمعية الأمّ والطّفل بسوسة…)
ما عرفته بلدة “الحاجب” أمس السبت هو بداية إنصاف لمن رحلوا في ريعان شبابهم بداء “شيخة” المعدمين (القوارص) ومواساة رمزيّة لحُرقة أمهّات وكلّ أهالي المفقودين. والأهمّ من ذلك هو تثبيت أقدام النّاهضات والنّاهضين في طريق معركة استرداد الحقوق المسلوبة.
“الحاجب” شقّت طريقها بصبر كبير رغم كلّ الصعوبات (التشتّت الجغرافي ، الأوضاع المادية، الوعي والذهنية العامّة…) نحو “بْروفات” مقاومة منظومة الفساد والتّفقير. فكلّ المؤشرات القادمة من هناك تدفع إلى الاعتقاد بأن حراك البلدة اكْتسب مقوّمات رافعاته التّي تضمن زخمه النّشيط نحو فرض نفسه جهويّا ووطنيّا.
وعلى أيّ حال فـ”حاجب اليوم” نجحت إلى حدود محترمة في إدارة رِقاب الكثيرين من مناضلي الحرّية والعدالة الاجتماعية وأضحت علامة مضيئة ضمن الحراك الاجتماعي الرّاهن، تشحذ همم طالبي الحقوق في كلّ أرجاء الوطن. فشعارات مسيرة اليوم تعيد المضامين الأساسيّة للثورة التّونسيّة المغدورة وتلامس محتويات النّهوض القادم..
أمّا حناجر الغاضبين فقد بحّت بالقديم المعروف مثل: “سرّاقين بلادنا قتّالين أولادنا”، و”الشعب فدْ فدْ من الطرابلسية الجدد”، وكشفت عن جديدها المرتبط بخيبة حكّام اليوم من قبيل: “يا رئيس بلادنا وينْ حقوق أولادنا؟” و”يا حكومة المهانة، أولادنا في الجبانة”…