عمارعمروسية
تتوالى الأدّلة القاطعة على مضيّ حكومة السيّد “الفخفاخ” بخطى ثابتة ومتسارعة في طريق تنظيم حربها على الكادحين والشّغالين وكلّ طالبي الحقوق الدّنيا للنّاهضات والنّاهضين في كلّ زاوية وركن من جغرافيا وطن أضحى بفعل الخيارات السياسيّة والاقتصادية والاجتماعيّة لمنظومة الحكم الفاسدة والمتّوحشة جحيما حقيقيّا يضيق حدّ الاختناق بمواطناته ومواطنيه.فالبلد يضيق بشعبه ويقارب حالة الانفجار الواسع الذي لن يكون بأيّ شكل من الأشكال استعادة دقيقة للقديم لا في الوسائل ولا في النتائج.
فنذر قلب الطّاولة اليوم واضحة للعيان وجليّة ولا أحد بإمكانه نفي الغليان الاجتماعيّ ولا تصوّر لحظة الانفلات العامّ.
وحدها حكومة”الفخفاخ” تجد آليات إنكار هذا الواقع وتوغل في العمل وفق مثل “لا أسمع لا أرى” وتضيف له دور صبّ الزّيت على النّار إن بإجراءات التّوحش الجديدة أو بالتّصريحات المتّهوّرة غير المسؤولة.
ولعلّ حوار السيّد “الفخفاخ الأخير نموذجي للتّدليل على قولنا فقد أخذ على عاتقه مهمّة تنفيذ وصفة صندوق النّقد الدّولي والبنك العالمي القائمة على تخريب النّسيج الاقتصادي المحلّي ودفع قطار التّفويت في المؤسسات الوطنيّة وتصفية المكاسب الاجتماعيّة وزيادة الضرائب الخ…
لم تصمد طويلا أقنعة شعارات الحكومة الاجتماعيّة المزعومة لتكشف بصورة فجّة عن حقيقة خياراتها المتّوّحشة كما لم يحدث من قبل.
فالسيّد “الفخفاخ” في إطلالته الأخيرة تجاوز كلّ من سبقوه وأعلن بالثلاث إمكانيّة الاقتطاع من أجور الشّغالين والمتقاعدين!!!
وأغلق الباب أمام مفاوضات زيادة الأجور التّي فقدت الكثير من مفاعيلها نتيجة انفلات الأسعار.
رئيس “الحكومة الاجتماعيّة” أعاد بإطناب سنفونية إصلاح المؤسسات والمنشآت العموميّة التي ستقود في نهاية المطاف إلى الخصخصة وخروج الدّولة من قطاعات حيويّة مثل وكالة التّبغ والوقيد والنّاقلة الجويّة (تونس الجوية) وشركتي الكهرباء والغاز والمياه!!!
البلد لدى “الفخفاخ “في المزاد العلني فالمهم تعبئة الموارد الماليّة وحتّى حكاية الكفّ عن التّداين الخارجي فهي مغالطة كبيرة أولا لأنّ خيار التّداين مازال قائما باعترافه هذا العامّ ضمن الالتزامات القديمة وثانيّا انسداد هذا الطرّيق من الجهات المانحة بالنّظر إلى الوضع المالي السيء للماليّة العموميّة.
فأبواب الاقتراض الخارجيّ تقريبا أوصدت من وراء البحار ولامجال للحديث عن خيار حكوميّ مثلما زعم..
فالخيار الحقيقي للحكومة هو الالتفات إلى مزيد سلخ جلود التّونسيّات والتونسيّين ودهورة أوضاعهم وغضّ الطرف عن مطالبهم المشروعة ومحاولة خنق حراكهم وأصواتهم بقوّة البطش والتّنكيل.
والخيار الحقيقي للحكومة هو الوفاء الذّليل لإملاءات صندوق النّقد الدّولي والبنك العالمي والاستمرار في تسديد الدّيون الخارجية.