تعمّد إمام الجمعة بالجامع الكبير بتستور في خطبة الجمعة يوم 19 جوان 2020 إلى اتّهام رئيس البلدية بإدراج فضاء جامع قديم في البتّة العمومية التي قامت بها البلدية يوم 17 جوان 2020، والحال أن هذا الفضاء هو فضاء تجاريّ منذ الستّينات تحت ملك البلدية وتصرفها.
خصّص الإمام جزء هاما من خطبة الجمعة لترويج الإشاعات والافتراءات وتجييش المصلّين وتحريضهم على رئيس البلديّة، وهي خدمة تعوّد هذا الإمام على تقديمها إلى حزب حاكم بعينه كلّما طلب منه ذلك.
وقد حاول أحد أعضاء هذا الحزب الضّغط على رئيس البلدية للتفويت في المحل مُراكنة، إلا أن المسؤول رفض وتمسّك بتطبيق القانون الذي يقضي بالقيام ببتّة عمومية.
لقد تحوّل إمام “الإسلام في خطر” الذي يتقاضى أجره من المجموعة الوطنية إلى لسان دفاع للحزب الحاكم الذي عرف بتوظيف الدين في السياسة. واستغل الإمام صعوده إلى المنبر للدّعاية السياسية الرخيصة، ووصل به الأمر إلى التدخل السّافر في الشأن البلدي مكفِّرا رئيس البلدية الذي يزعم أنّه اعتدى على مقدّسات المسلمين ضاربا عرض الحائط كل القوانين المنظِّمة للشأن العام وفي ذلك ضرب لمدنية الدولة.
للتذكير فإنّ هذا الإمام الذي اعتلى المنبر بعد الثورة كانت أغلب خطبه سياسيّة أكثر منها دينية. فقد شوّه الشهيد شكري بلعيد قبل اغتياله وانخرط في حملة التّمهيد لاغتياله شأنه شأن كل أئمة التكفير، كما شيطن الاتحاد العام التونسي للشغل والمعارضين لحكومة الترويكا والإعلاميين الذين نعتهم “بإعلام العار” ووصلت به الوقاحة أن اعتبر أن المربّين يعلّمون الأطفال الفساد في خطبة جمعة جمعت المربّين والتلاميذ و أولياءهم. كما حثّ هذا الإمام الشباب على الجهاد في سوريا….
خطب الفتنة والكراهية والتكفير كانت ولازالت تذاع بمكبّرات الصوت في وسط مدينة تستور في أكبر مسجد وأهم معلم تاريخي أندلسي في المدينة. يحصل ذلك دون أن تحرّك الحكومات والسلط المحلية والجهوية المتعاقبة ساكنا.
أمام هذه التجاوزات الخطيرة للإمام التكفيري عبّرت عديد مكونات المجتمع المدني عن تضامنها مع رئيس البلدية وعن إدانتها للإمام ومن ورائه الحزب الذي أفلس سياسيّا وعاد إلى المربّع الأول وهو توظيف الدين في السياسة لتصفية خصومه.
ستبقى مدينة تستور الأندلسية التي مازال سحرها الأندلسي يستهوينا أكبر من أحقاد المفتنين.
فيصل السّكفالي