تمكنت السلطات الجزائرية من إعادة 24 رفات من أبطال المقاومة الشعبية، بعدما كانت رهينة “متحف الإنسان” في باريس لمدة تزيد عن 170 عاما.
ويبدو أنّ هذه الخطوة أعطت إحياء الذكرى الـ58 للاستقلال طعما خاصا، وشعورا بالانتصار السياسي، بعد أن استطاعت الجزائر تفكيك إحدى الألغام، التي كانت لوقت قريب تشكل صداعا مزمنا في ملف الذاكرة المليء بالشواهد التاريخية عن جرائم الاستعمار الفرنسي بحق الشعب الجزائري من 1932 إلى 1962.
وبينما يرى البعض أنّ تسليم فرنسا “جماجم الشهداء” للجزائر قد يكون مجرد ذر الرماد في العيون، وتعمية عن الملفات الأخرى المسكوت عنها، يرى آخرون أنّ ذلك يحمل رمزية لم يسبق لها مثيل واعترافا معنويا من مستعمر الأمس يمكن وصفه بأجمل هدية قدمتها السلطة الجزائرية لجيل اليوم.
وتشير الحقائق التاريخية إلى أنّ عدد رفات المقاومين الذين بحوزة فرنسا قد يصل إلى أكثر من 600، من بينهم 37 قائدا شعبيا، تصدوا لبدايات الاحتلال الفرنسي للجزائر في الفترة ما بين 1838 و1865، قبل أن يتعرضوا للتعذيب ثم التنكيل بهم وقطع رؤوسهم.
وسعى الاحتلال الفرنسي آنذاك، إلى نقلهم إلى ما وراء البحر حتى لا تكون قبورهم داخل الجزائر رمزا للمقاومة.
ومن بين هؤلاء رفات زعماء ثورة الزعاطشة التي جرت في منطقة بسكرة 400 كلم جنوب شرق الجزائر، على رأسهم الشيخ بوزيان (1849) ومحمد لمجد عبد المالك المعروف باسم الشريف بوبغلة (1854) وموسى الدرقاوي وسي المختار بن قويدر التيطراوي.
ويضم المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي أكثر من 18 ألف جمجمة لشعوب استعمرتهم فرنسا، وهي جماجم محفوظة منذ سنة 1880 ضمن المجموعة “العرقية” للمتحف، وتخشى فرنسا من أن يتم إفراغ متاحفها لو استمرت الشعوب في المطالبة باسترجاع حقوقها.
رضا الجلولي