مازال الرأي العام الوطني يعيش على إيقاع الجدل الواسع حول حيثيات فضيحة سيّد “القصبة” الذي وضع نفسه وكلّ حكومته في مصيدة تضارب المصالح وشبهات الفساد.
أحكام التّاريخ ولعبة الغرف المظلمة بالدّاخل والخارج وأسيادها الغرباء عن الثورة التونسية دفعت بالسيّد “الفخفاخ” إلى الواجهة الأماميّة لدّفة تسيير البلاد وسط أسئلة كثيرة حول قدراته في إدارة الأمور وحول خياراته السياسيّة والاقتصادية والاجتماعيّة ضمن مشهد برلماني مثقل بخيبة غير مسبوقة لحزب “النهضة” في تمرير “حربوشة” حكومة “الجملي”.
فقدوم “الفخفاخ” إلى حلبة سباق” القصبة” كان بمثابة اللّغز بالنّظر إلى نتائج الانتخابات التشريعيّة والرئاسيّة.
فالبيّن في سطوع نجمه أمر وحيد هو اختيار رئيس الجمهورية وتدحرج أغلبيّة برلمانيّة مبهمة لمنحه الثقة وإطلاق مهرجانات التّصريحات حول “حكومة الشعب الاجتماعيّة” وغيرها من الشعارات حول “الشفافيّة وإعادة الثقة”.
كلّ الرّياح جرت مع سفن “الفخفاخ” وأرست بالقصبة، غير أنّ مجريات الواقع الوطني والاقليمي والدولي سرعان ما أربكت رسوّ مراكب الحاكمين وسرّعت بكشف المستور وراء أقنعة البروباغدا. فالحزام السياسي للحكومة منذ البداية ضعيف وهشّ (120نائب) والخيارات موغلة في الليبرالية والتّوحش. والأخطر من ذلك تتالي فضائح فساد المتنفذين (وزراء، نوّاب..) ووصوله في الأيّام الأخيرة رأس الحكومة.
ودون العودة إلى حيثيات فضيحة “الفخفاخ” وتطورّات كشف ملابسات تلك الملهاة المخزية، وبقطع النّظر عن نتائج تحقيقات هياكل الإدارة الرّقابية واللّجنة البرلمانيّة وحتّى قول القضاء فالحاصل سياسيّا وشعبيّا هو السّقوط المريع لقائد “القصبة” في مستنقع الفساد والإثرإء غير المشروع ومغالطة الشّعب آكثر من مرّة.
فالانطباع الحاصل لدى الرأي العام ولم يعد بالإمكان محوه هو “فخفاخ” الشركات المخفية وصفقة 44 مليار دينار غير المشروعة أيّامّ “دقان الحنك” حول “الوحدة الوطنيّة” و”شدّ الأحزمة” واقتطاع أجرة يوم عمل لكلّ الشغالين وما رافقها من ويلات الحجر الصّحي الشامل.
زمن الشدائد اجتماعيّا ومعركة ضمان القوت اليوميّ لقطاعات واسعة من الشّعب التّونسيّ كانت أرصدة رئيس الحكومة تتضخمّ وشركاته تحصد الأرباح الخياليّة.
هذه القناعات وغيرها تتنقلّ بين النّاس في المدن والأرياف وحتّى محاولات جوقة المشتغلين على خلط الأوراق وإغراق ألإعلام بنقاشات المصطلحات القانونيّة والسيّاسيّة حول “الفساد” أضحت مثار سخرية وتندّر يطال ليس فقط الأحزاب الممسكة بتلابيب “حكومة الشبهات” وإنّما رئيس الجمهورية نفسه.
حكومة “الفخفاخ” بين السّقوط المدّوي والبقاء الوقح
عمار عمروسية