أمهل متساكنو مدينة رمادة رئيس الدولة مهلة زمنية لا تتجاوز الساعة الثامنة من مساء اليوم للقدوم إلى مدينتهم وإعادة الاعتبار لهم بعد المواجهات التي عرفتها شوارع المدينة بين قوات الجيش والشباب المحتج على حادثة مقتل أحد أبناء الجهة في المنطقة العازلة برصاص الجيش. وإلاّ فإنهم سيخرجون من مدينتهم الصحراوية باتجاه معبر ذهيبة وازن الحدودي مع ليبيا و هو ما تمّ بالفعل مساء اليوم حيث غادر العشرات من أهالي رمادة المدينة سيرا على الأقدام وفي السيارات إلى المعبر الحدودي كحركة احتجاجية بعد أن يئسوا من قدوم قيس سعيد.
و رغم مساعي التهدئة في المدينة النائية فإنّ الوضع يبقى محتقنا كأشد ما يكون الاحتقان في ولاية تطاوين برمتها في ظل استهتار السلطة المركزية برؤسائها الثلاثة وأحزابها المشكلة للائتلاف الحاكم الذين حولوا احتجاجات الكامور إلى ساحة من ساحات الصراع بين مكونات السلطة لإغراق هذا الطرف أو ذاك في رمال الكامور الساخنة وإعادة تشكيل الائتلاف الحاكم بمكونات قديمة وجديدة ولكن بنفس البرنامج المعادي للشعب وللثورة.
ومثلما جرت العادة في الحركات الاحتجاجية التي تندلع في الجنوب الشرقي اشتغلت أجهزة الدعاية الرجعية لتشويه المطالب الاجتماعية كل من زاويته، حيث قرعت طبول الحرب في عدة صفحات على شبكات التواصل الاجتماعي وتحول المحتجون إلى طلائع داعشية تمهد الطريق للاحتلال التركي في حين وصفتهم صفحات أخرى بالخزان الانتخابي للقوى الرجعية والظلامية ودعتهم إلى التوجه إلى نوابهم عوض الاحتجاج متناسين نسب العزوف الكبيرة في أوساط الشباب خاصة وضعف التقاليد المدنية والسياسية في هذه المناطق و هو ما يتجسد في مطالب الحركة الاحتجاجية وتصريحات منسقيها الذين ينظرون للعمل الحزبي وللسياسة عموما كأنها الطاعون. ولكن رغم كل هذه التشويهات التي يتحمل قادة الحركة جزءا من مسؤوليتها فإنّ المسؤولية الأولى والأخيرة فيما آلت إليه الأوضاع بتطاوين تتحملها أولا الحكومات المتعاقبة منذ 2017 باستهتارها بالاتفاقات المبرمة والحكومات المتعاقبة بعد الثورة ثانيا بتبنيها لنفس الخيارات والسياسات التي أنتجت اللامساواة والتهميش.
قيس شنيتر