عمار عمروسية
لم يعد هناك أدنى شكّ في سير البلاد على جميع الأصعدة، وخصوصا الصّحية منها، إلى مأزق كبير قد تكون الفصول المأساوية منه ثقيلة الأعباء على حياة التّونسيات والتّونسيين.
فالأرقام المعلنة يوميّا عن ضحايا فيروس كورونا مفزعة وصيحات الكثير من العاملات والعاملين بالقطاع الصّحي مخيفة وأضحى البعض منها يتحدّث بوجوه عارية على الشبكة الاجتماعيّة وضمن قنوات الإعلام السّمعيّة والبصريّة عن “السيناريو الإيطالي” القادم قريبا في بلادنا.
فالأمور تسوء ومعطيات خراب المرفق الصّحي وبداية عجزه عن تلبية الحاجيات الضرورية لإنقاذ حياة المرضى غدت من المسائل المعروفة فضلا عن شيوع ملاحظات المنظمّة العالميّة للصّحة التي وضعت “تونس” منذ أيّام في المرتبة الثانيّة دوليّا في سرعة انتشار هذا الوباء بما يؤهلّها لاحتلال الرّيادة إفريقيا!!!!.
بعد هذا وغيره كثير والقادم قد يكون أكثر مازالت حكومة السيد”المشيشي” غارقة في لعبة تثبيت الكراسي وتحصينها أمام منصّات “فوشيك” كلام الرئيس.
ولايات الساحل التّونسي تجتاحها آفة الكورونا وأهاليها كلّ ليلة يودّعون موتاهم عن بعد وتحت جنح الظلام وسط دموع الأمهات والأخوات وتحت وطأة الخوف من ليلة قادمة ورجل “القصبة” مثل سيّد” قرطاج” يمعنان في لعبة عضّ الأصابع وتحجيم سلطات هذا الطرف أو ذاك.
في “جندوبة” وتحديدا ضمن أرياف الفقر المدقع مكثت جثّة سيّدة ثلاتة أيّام في انتظار من يواريها التّراب وسادة الحكم موغلون في حرب المواقع وحشد الأنصار والأتباع لجولات معاركهم التي لا ربح فيها إلاّ لمافيات الحكم وداعميهم.
تفاصيل الكارثة الصّحية ليست خافية على أحد والمحتمل القادم أيضا. غير أنّ نصير الفقراء المزعوم ونقصد الرئيس عدَّل عقارب ساعته على حسابات سياسوية ذاتية مفعمة بولع بناء أسس الحكم الفردي الاستبدادي.
فالمترفع عن مستنقع السياسة كما قال أكثر من مرّة أظهرت وقائع حكمه في هذه السنة أنّه رافد أصيل من ذاك الغدير الآسن الذي له امتداداته الطبقية الدّاخلية والاقليميّة والدّوليّة.
فالمهمشين والفقراء لديه لايتجاوزون تأثيث الخطب وديماغوجيا التعبئة لصندوق الاقتراع.
كيف لا؟ وضحايا آفة كورونا الآن ومستقبلا بالأساس من تلك الطبقات والفئات الاجتماعيّة.
وبالتّوازي مع ذلك تمارس حكومة “التكنوقراط” سلطتها باللواء الاستفزازي لطغمة كبار الأثرياء والمفسدين.
فالجملة الأكثر ترديدا على شفاه بعض الوزراء بما فيهم رئيس الحكومة تتمثل في “لا مجال للعودة للحجر الصّحي” والأغرب من ذلك قولهم “الأمور تحت السّيطرة”!!!
ببرودة أعصاب “ماكروات” الإدارة يراقبون هذا التّقهقر ومشاعر بعض “المسامير” الصدئة في دهاليز الإدارات العليا للدّولة يتابعون وجع المصابين ولوعة فراق الأحبّة.
يديرون الأزمة الصّحية المأساوية بنفس ذهنية إدارتهم للملّف الاقتصادي.
أرقام الاقتصاد وأرقام الموتى والمصابين سيّان لديهم. فهي جامدة وقابلة للتّزوير والتلاعب وحتّى الاستخفاف المعيب مثلما ورد أخيرا في تصريح وزير الصّحة عندما قال “الخوف موش باهي ولا داعي له فالمعدّل العمري لمن ماتوا تجاوز 75 سنة”!!!
مشاغل منظومة الحكم غير قضايا الشعب، أكثر من ذلك فالمنظومة رمت المنديل الأبيض أمام هذه المحنة وتركت شعب تونس في الأتون دون أسلحة.