عمّقت جائحة الكورونا الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة التي تهزّ الاقتصاد الفرنسي منذ سنوات، والذي سيعرف ناتجه الداخلي الخام جرّاءها تراجعا بنسبة تفوق الـ8% في 2021. ولإنقاذ المؤسسات الاقتصادية الكبرى من الانهيار، أغدقت الحكومة الفرنسية مساعدات مالية مباشرة تقارب الـ460 مليار يورو للمجمّعات الاقتصادية الكبرى (في شكل ضمان الدولة للقروض بنكية التي تسندها البنوك الخاصة)، أي ما يقارب ربع نفقات الميزانية العامة للدولة المتوقّعة في ميزانية 2021.
غير أنّ الحكومة الفرنسية السّخيّة لم تحرّك ساكنا لكفّ الطرد الجماعي الذي لم تتردّد الشركات الكبرى عن الإعلان عنه مباشرة بعد حصولها على المساعدات المالية (مصنّع الطائرات “إيرباص” تحصّل على 8 مليار يورو وأعلنت عن طرد أكثر من 10000 عامل في مجمع شركاتها والشركات المناولة، مصنّع السيارات “رينو” تحصّل على 5 مليار يورو وينوي طرد 4500 عامل في فرنسا…). بل إنّ الرئيس الفرنسي كان له من الوقاحة أن يعلن يوم العيد الوطني الفرنسي (14 جويلية 2020) عن إمكانيّة طرد أكثر من مليون عامل خلال سنة 2021، بما ينذر بتعميق الأزمة الاجتماعية والسياسية في البلاد.
في هذا السياق الاقتصادي والاجتماعي المأزوم أعلن مكتب فرع الهجرة المحلي لحزب العمال بجهة “ليل” الفرنسية بمعيّة الفروع المحلية للحزب الشيوعي الفرنسي والحزب العمّالي المستقل الديمقراطي و”حركة فرنسا الأبيّة” وحزب اليسار في شمال فرنسا (حيث تتواجد عديد الأقطاب الصناعية وتوجد تقاليد نضال عمّالية تاريخية) عن مبادرة عمل مشترك لمناهضة الطّرد، وشكّل معها لجنة عمل في الغرض أصدرت بلاغا مشتركا في هذا الخصوص يدعو إلى وحدة الصفّ العمّالي لمنع الشركات الكبرى من الطرد.
وقد انخرط المكتب المحلي لفرع الهجرة لحزب العمال بجهة ليل الفرنسية في هذه المبادرة وعيًا منه بأنّ العمال المهاجرين، مثلهم مثل الشباب والمرأة، هم من أكثر الفئات هشاشة وتضرّرا من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تتعقّد يوما بعد يومٍ. وقد شارك المكتب المحلي في الندوات الصحفيّة المتعلقة بهذه المبادرة وتدخّل باسمها وباسم الحزب في الإعلام المحلي ويساهم أسبوعيّا في حملات التوزيع في الفضاءات العامة بمدينة “آراس”. كما يندرج انخراط مكتب الحزب المحلي في هذه المبادرة في إطار اضطلاع فرع الحزب بفرنسا بمهام التأطير السّياسي للجالية التونسية بالخارج في كل القضايا التي تهمّها، وطنيا وفي بلدان الهجرة خاصة، وفي سياق انفتاحه على العمل المشترك في الهجرة مع الأحزاب والنقابات الفرنسيّة الصديقة والشقيقة ومن أجل تعزيز التضامن العمّالي الأممي.
زياد بن عبد الجليل
مراسل صوت الشعب بفرنسا
(مقتطف من مقال حول لجنة مناهضة طرد العمال وبلاغ اللجنة)