عمار عمروسية
واصل رئيس الحكومة السيّد “المشيشي” تقاليد أسلافه القائمة على هدر الوقت وعدم الالتزام بمواعيد الإطلالات الإعلاميّة.
فالنّدوة الصحفية المعلن عن موعد إنطلاقها على الساعة الثالثة ظهرا لم تحصل إلأّ بعد تأخير بحوالي ساعة.
فالوقت واحترامه في عالم اليوم يساوي مالا، زيادة على أنّه من المعايير الأوليّة للحكم، ليس فقط على جدّية الأنظمة واحترامها لشعوبها وإنّما هو أيضا مؤشر مهمّ على تطوّر الدّول وألأمم.
لدى الحكومات المتعاقبة في بلادنا الوقت لا شيء واحترام الرأي العام الوطني لا شيء أيضا.
ويبلغ الاستهتار حدود حيثيات أخرى مثلما حصل في النّدوة الصحفية لهذا اليوم. فالكلام الوحيد المسموع هو ردود رئيس الحكومة والوجه الوحيد على الشاشة هو وجه رئيس الحكومة والمتتبّع لا يعرف مضامين الأسئلة ولا أصحابها ومراكز عملهم!!
وحده “المشيشي” رسم الإطار العام لإطلالته. فكانت كلّ الإجابات تقريبا منحصرة في الجانب المالي والاقتصادي مكتفيا بإعادة ما هو معلوم ومتداول لدى العموم مع تغليفات تجمع بين المغالطة والتّفصّي من المسؤؤليّة.
فالسيّد “المشيشي” أفاد بأنّه سحب قانون المالية التّكميلي في حين أنّ الواقع يفيد بأنّ لجنة الماليّة بإجماع أعضائها هي التّي رفضت المشروع.
وقوله بأنّ قوانين المالية السابقة بما فيها السنة الفارطة كان متضمنّا لأرقام غير واضحة وتوْقعات غير واقعية يدين السيّد “المشيشي” نفسه. ففي ميزانية السّنة الفارطة كان وزيرا في الحكومة التّي قدّمتها وسابقاتها وكان منخرطا بحكم موقعه الإداري في بلورتها.
فالإدارة في مستوياتها العالية أين كان رئيس الحكومة هي المطبخ الأصلي لوضع السياسات المالية منذ عقود وليس من المنطقي في شيء القفز من دائرة المسؤولية التي تعود إلى جميع من وضعوا أيديهم في عجين تخريب النّسيج الاقتصادي ودهورة الظروف الاجتماعيّة وإغراق البلاد في هاوية التّداين والتّبعيّة الذليلة.
فأزمة اليوم هي منتوج خيارات النظام القائم والسيّد “المشيشي” وسنده السياسي يتحملان هذا التّقهقر الذي من جهة يقرّ بخطورته ويؤكدّ أنّه سابقة في بلادنا، ومن ناحية أخرى يصرّ على عدم إفلاس الدّولة لا حاضرا ولا مستقبلا!
والحقيقة أنْ ماقدّمه فيه الكثير من التّناقضات التّي يطول شرحها وفيه مسعى بدائي لتطمين الرأي العامّ القلق ليس فقط بوضع الضائقة الاقتصادية وإنّما بالوضع الصّحي المخيف زيادة عن الأزمة السياسية الخانقة.
رئيس الحكومة صمت على الجانب السياسي وتصرّف مثل المدير العام في شركة اقتصاديّة ولامس الوضع الوبائي بعنتريات العادة وكليشيات التّحكّم في الوضع!!.
فالتّناول الحكومي وفق ما صدر عن رئيس الحكومة مهتزّ وشديد الغموض الذي وانقلب إلى وضوح ودقّة في إشارة إلى الحراك الاجتماعي ومسألة تعطّل الإنتاج بالنسبة إلى النّفط والفسفاط.
فالصّرامة في إنفاذ القانون حاضرة وفق تصريحه بما يوحي بأنّ شوطا جديدا من القمع ينتظر طالبي الحقوق في “تطاوين” و”قفصة” ومجمل البلاد.
فالحديث بتلك الصيغة يحمل رسائل تهديد صريحة للحقوق والحرّيات تحت دعاوي “تعطّل إنتاج” الثروات الباطنيّة.
فتعطّل الإنتاج ليس هدفا لحراك المقهورين والمهمشين وإنّما هو محصلة تنّكر الدّولة لواجباتها وتسويف الحكومات المتعاقبة لاتفاقات سابقة.