صوت الشعب صوت الحقيقة
تشهد ولاية القصرين في الآونة الأخيرة انتشارا غير مسبوق لفيروس كورونا، حيث تجاوز عدد الحالات الحاملة للفيروس 1030 حالة وما ناهز 70 حالة وفاة منذ بداية جائحة الكورونا وسط غياب تام للسلطة في أخذ التدابير اللازمة وفرض تطبيق البروتوكول الصحي المزعوم وتهاونها في توفير المعدات اللوجستية والبشرية اللازمة لمواجهة هذا الوباء، وهو ما عمق الأزمة أكثر خاصة مع الوضعية الكارثية التي يعيشها المستشفى الجهوي بالقصرين…
وضع وبائي ينبئ بكارثة حقيقية قريبا خاصة إذا تواصل استهتار الدولة بحياة المواطنين، علما وأنّ المستشفى الجهوي يعاني من النقص الفادح للأكسيجين والمعدات الطبية والوقائية الخاصة بمجابهة فيروس كورونا ووصل المستشفى إلى طاقة استيعابه القصوى. وهو ما مثّل عائقا أساسيا للإطار الطبي وشبه الطبي في معالجة المصابين بالفيروس. وهو ما كان سببا في وفاة 8 مواطنين ليلة البارحة في وقت واحد بعضهم تمت محاولة اسعافهم بسيارات الإسعاف وفي ساحة المستشفى..
وفي تشخيص للوضع المأساوي الذي يعيشه المستشفى الجهوي بالقصرين منذ عقود والذي زاد تعقيدا خلال الفترة الأخيرة نتيجة تخلي الدولة عن هذا القطاع المهم، قام مجموعة من الأطباء بالقطاع الخاص بالجهة بإعلان حملة تبرع لفائدة مستشفى القصرين (تبرعات مادية وتجهيزات طبية ووسائل وقاية…) كما أعلنت المصحة الخاصة “الشفاء” تخصيص جناح وإطاره الطبي وشبه الطبي وسيارة إسعاف مجهزة لمعاضدة مجهودات الأطباء بالمستشفى الجهوي بالقصرين..
إنّ إطلاق الأطباء لحملة تبرع هو بمثابة صيحة فزع خوفا من تدهور الوضع أكثر ويبين حسهم الوطني والانتماء لشعبهم الذي تخلت عنه الدولة وحكامها..
إنّ مثل هذه الإجراءات التطوعية خاصة من أناس من أهل الاختصاص وهم على علم بحقيقة الوضع الصحي أكثر من أي كان لئن كانت تحمل في ظاهرها نُبل وحِس إنساني كبير فإنها تخفي في باطنها الوجه البشع للسلطة ولسياساتها المدمرة للقطاع الصحي عبر عقود من الزمن وتبرز مدى تحمل الدولة لمسؤولياتها السياسية والأخلاقية تجاه شعبها.
حملة تبرع من أهل الاختصاص تؤكد لنا مرة أخرى غياب الدولة ودفعها المعلن نحو سياسة الموت الجماعي والبقاء للأقوى (ماديا وسياسيا). فلو عملت الحكومات المتعاقبة على تحسين الوضع بالمؤسسات الصحية ووفرت المستلزمات البشرية واللوجستية للأزمة لتقديم خدمات الضرورية للمواطن لما إلتجأ الأطباء الأحرار لمعاضدة مجهودات زملائهم في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من المواطنين.
إنها سلطة ماضية في سياسية التجويع والتفقير والقتل الجماعي لشعبها. سلطة ماضية في سياسة التدمير الممنهج لكل قطاع حيوي لفائدة لوبيات المال والأعمال الذين لا تعنيهم حياة المواطنين ولا مستوى عيشهم،همهم الوحيد تكديس الثروة لا غير.
فإلى متى سيستمر هذا الخراب والاستهتار بأهالي القصرين؟
وإلى أي مدى يمكن أن يصمت أهالي القصرين والشعب التونسي عن سياسات التدمير والموت الجماعي؟
فهل ستكون هذه الظروف ملائمة لأهالي القصرين للانتفاض من أجل وضع حد لسياسة القتل المتعمد والتجويع الممنهج؟
كـمـال فـارحـي
