جيلاني الهمامي
يحلّ وزير الداخلية الفرنسي ضيفا على تونس في زيارة رسمية تندرج ضمن جولة في البلدان المغاربية. وكان قد زار في أكتوبر الماضي المغرب الشقيق وستكون محطته القادمة الجزائر.
تأتي هذه الزيارة مباشرة بعد سلسلة الأعمال الإرهابية التي هزّت فرنسا وخاصة منها عملية “نيس” التي قام بها الشاب التونسي إبراهيم العيساوي الأسبوع الماضي. لذلك ولئن كانت هذه الزيارة مبرمجة منذ مدة فإنّ الاتصال الهاتفي الذي أجراه رئيس الدولة قيس سعيد مع نظيره الفرنسي ماكرون يوم السبت 31 أكتوبر الماضي لتقديم التعازي وعبارات التضامن إثر جريمة “نيس” هو الذي عجّل بهذه الزيارة. ويبدو أنّ الرئيس قيس سعيد، حسب ما كشفت عنه الصحيفة الفرنسية (الباريسي – le Parisien) وتناقلته عنها إذاعة موزاييك في تونس يوم الأحد غرة نوفمبر الجاري، قد وعد الرئيس الفرنسي بمنح السلطات الفرنسية تسهيلات في ترحيل العناصر الإرهابية من أصل تونسي المقيمين بفرنسا وخاصة عشرين عنصرا مصنفين “خطرين جدا” تودّ فرنسا التخلص منهم.
ويبدو أنّ الوزير الفرنسي سيأتي لاستكمال المشاورات والاتفاق بصفة رسمية على الترفيع في نسبة استصدار وثائق العبور وتسهيل إجراءاتها من قِبَل المصالح القنصلية التونسية في فرنسا لترحيل، قسريا، العناصر المشتبه في صلاتها بالإرهاب وعموم المهاجرين غير النظاميين المصنفين صنف س (fichés S) لدى السلطات الأمنية الفرنسية. وهو ما يفسر حرص الوزير الفرنسي على لقاء كل من رئيس الدولة ورئيس الحكومة ووزير الخارجية علاوة على لقاء نظيره وزير الداخلية التونسي بغاية اقتلاع اتفاق في هذا الاتجاه.
ورغم أنّ رئاسة الجمهورية كانت كذبت على لسان ريم قاسم مسؤولة قسم الاتصال بقصر قرطاج إلاّ أنّ الخبر الذي أعلنت عنه الصحيفة الفرنسية أثار جدلا في تونس بخصوص قبول تونس للعناصر الإرهابية المقيمة بفرنسا وببلدان أخرى في العالم علما وأنّ هذا الجدل الذي أثير في أكثر من مرة ولم يحسم بصورة واضحة ونهائية وخاصة موضوع عودة الإرهابيين التونسيين العاملين في نقاط توتر عديدة في العالم.
فالاتفاق مع فرنسا بخصوص العناصر الذين تعتزم ترحيلهم إلى تونس سيكون بمثابة مقدمة لحسم هذا الجدل ولكن باتجاه فتح الباب لعودة الإرهابيين. ويبدو أنّ السلط التونسية ماضية في هذا الاتجاه استنادا إلى ما راج حول وعود قيس سعيد من جهة أو تعهدات رئيس الحكومة الذي أذن هو الآخر بفتح تحقيق في احتمال أن تكون عملية “نيس” الإرهابية قد تم التخطيط لها من تونس.
هذا ما يملي على القوى الديمقراطية أحزابا ومنظمات مجتمع مدني أن تقف بقوة ضد هذا المسعى الذي سيترتب عنه مزيد تعقيد الأوضاع الأمنية في بلادنا.