صوت الشعب صوت الحقيقة
علي بنجدو ناشط سياسي يساري مستقل
في آخر ظهور إعلامي له على قناة التلفزة الوطنية الأولى التونسية، كأمين عام لحزب العمال، أحد المشاركين في تأسيس المبادرة الوطنية لتصحيح مسار الثورة إلى جانب عديد المكونات الوطنية والتقدمية قدّم السيد حمة الهمامي مقاربة سياسية مفصّلة للوضع السياسي في تونس كانت من جهة مضامينها السياسية جامعة لعدة عناصر ومعطيات محيّنة ذات صلة بقراءة للأزمة الشاملة التي تمرّ بها تونس إلى جانب تشخيص مؤثث بالأرقام والمعطيات الاقتصادية والاجتماعية التي تشرح هذه الأزمة وتقف على مواطنها وآثارها وتداعياتها المباشرة والبعيدة على الوضع الاجتماعي ومزيد تعميق الأزمة ووضع مآلاتها السياسية على محك الواقع والتوقع بما أسماه حمة “ثورة على الثورة المضادة” خاصة ونحن نعيش على إيقاع حراك اجتماعي احتجاجي يتمحور حول نفس مضامين الشعار المركزي للثورة التونسية “شغل، حرية كرامة وطنية” …
وإن شئنا التفصيل في المضامين السياسية التي تخللت هذا الحضور الإعلامي يمكن أن نبوّبها على النحو الآتي:
المبادرة الوطنية لتصحيح مسار الثّورة تجسّد بالمعنى الأول محاولة جادة لتجميع القوى السياسية والمنظمات والجمعيات والطاقات الجماعية والفردية ذات التوجه السياسي الوطني والتقدمي لفرض خيار سياسي ثالث يقطع مع الخيارات الليبرالية الرجعية بوجهها الإسلامي وبمن يمثّل امتدادا لنظام بن على وتوابعه من ممثلي الدولة العميقة واللوبيات المافيوزية والعائلية المتنفّذة ماليّا واقتصاديّا. وقد بيّن في ذات السياق أنّ المبادرة، استنادا إلى هويّتها اليسارية، تطرح برنامجا آخر وأفقا مختلفا يعالج الأزمة ويطرح البديل الاقتصادي الاجتماعي من خلال التمسّك بالسيادة الوطنية ومراجعة الاتفاقات والعقود الاقتصادية غير المنصفة وتجميد المديونية والتدقيق في الديون الكريهة وترشيد التوريد وتأميم الثروات. كما ذكّر حمة بضرورة خلق مناخ اقتصادي وطني لإنتاج الثروة وخلق مواطن شغل يرتكز على بعث مقوّمات صناعة وطنية وإصلاح زراعي… مع التذكير في هذا السياق بأنّ المبادرة الوطنية في النهاية ليست استنساخا أو محاكاة لتجربة الجبهة الشعبية بكلّ نجاحاتها وانكساراتها وإنما هي إطار آخر للتنسيق السياسي، أو شكل آخر للعمل المشترك يراكم شيئا فشيئا لوحدة المتنوّع اليساري قدر سماحه باستقلالية الأحزاب المكونة لهذه المبادرة وحقّها في النشاط الخاص بشكل متلائم مع برامجها الخاصة وأهدافها الاستراتيجية، مثلما أشار حمة إلى أنّ هذه المبادرة ليست إلاّ حالة بدء في مسار توحيد القوى الوطنية واليسارية وهي إطار مفتوح للنقاش …
وفي سياق متّصل بيّن حمة الهمامي أنّ المبادرة الوطنية تمثّل استجابة ضرورية لواقع موضوعي من ضمن نقائصه غياب يسار يبادر ويطرح البدائل ويتصدّى لتغوّل قوى اليمين الليبرالية، يسار فاعل يسدّ الفراغ الموجود ويستثمر كلّ طاقاته السياسية والمدنية والنسائية والشبابية والثقافية والحقوقية في مواجهة مشهد ترذيل الحياة الاجتماعية والقيمية …
وقد ذكّر حمة الهمامي في سياق تفكيكه للأزمة الشاملة في تونس المسار الثوري المتحرك أنّ مظاهر العروشية وعودتها في هذا الوقت هي وجوه أخرى لارتدادات الثورة ومظاهر اجتماعية مرضية تعكس حالة الإحباط والآثار الكارثية للخيارات الفاشلة على الطبقات والفئات الاجتماعية المفقّرة من ناحية وهي من ناحية أخرى استتباعات لسياسة الإلهاء والاستثمار في الأزمة من قبل منظومة الحكم .
