عمار عمروسية
يبدو أنّ رهان السيّد “المشيشي” على سياسة العصا والجزرة للخروج من مأزق تصاعد الحراك الاجتماعي والشعبي قد انتهى إلى طريق مسدود. فنهوض طالبي الحقوق لم توقفه لا محاولات البطش والتّنكيل بالغاضبات والغاضبين ولا أساليب الاحتواء عن طريق مفاوضات العبث والتّسويف. فالحقيقة التي لا يمكن القفز عن إقرارها هي اتّساع رقعة السّخط الشعبي من تدهور الأوضاع المعيشية وتنامي الحركة الاحتجاجيّة المطلبية واكتسابها مساحات جغرافيّة إضافيّة وبطاقات بشرية جديدة. فالحراك رغم طابعه المحلّي والجهوي والقطاعي وبقائه بعيدا عن التّبلور في تيّار وطني موّحد حول المضامين والأساليب إلاّ أنّه – الحراك – تمكّن من ربح عامل الوقت وثبّت عوده بما ينذر بتجاوز نقائصه (التّشتت، القطاعية…) في قادم الأيام والأسابيع.
فكلّ الأفواه مفتوحة تحت وطأة الأزمة الاقتصادية والمالية التي ألحقت أضرارها ليس فقط بالمعطّلين والمهمّشين وإنّما بجملة الكادحين والأجراء بما فيها شرائح عليا من البورجوازية الصغيرة (قضاة، أطبّاء، مهندسين…).
فالغضب والحراك يطال أغلب جهات البلاد ويجتذب قطاعات كبرى. كلّ رمال البلد ساخنة ومتّحركة ولهيب الغضب يتصاعد وحكومة “المشيشي” تلهث وراء بؤر الاحتجاج وتعجز حتّى عن لعب دور المطافئ. فكرة الثلج كما يقال تكبر كلّ يوم وتُنذر بأنّ شتاء المنظومة عسير، أوّلا بسبب استمرار المراكز الأساسيّة للحكم في خوض حروبها الخاصّة من أجل الاستفراد بمقود السلطة ومغانمها. وثانيا لافتقار خزينة الدّولة للموارد الماليّة لتحقيق الحدّ الأدنى من مطالب الأفواه المفتوحة. فالدّولة التّونسيّة بالنّظر إلى مضامين قانون الماليّة للسنة القادمة وضعت نفسها على مشارف الإفلاس المالي الذي يصعب الخروج منه.