علي بنجدو/ناشط سياسي يساري مستقل
ما هو مطروح ها هنا ليس جبهة بالمعنى التاريخي ولا هو تجربة سياسية تجميعية على شاكلة الجبهة الشعبية حيث يكون سقف التنظم والفعل السياسي غير ما هو متاح للتحقق موضوعيا وقفز على ممكنات الواقع، وإنما المطروح هو عمل مشترك وتشاركي يراهن على المراكمة والانتشار والتجميع وتلمّس الطريق وتحديد الأهداف الاستراتيجية البعيدة طبقا لتملّك شروط الوحدة والانسجام أو بمعنى أدق طبقا لحالة وعي بضرورة أن يكون لهذا المشترك مستقبلا ممكنا…
وبناء على الاعتبارات السابقة فإنّ الإعلان عن هذه المبادرة تحت عنوان لترحل “منظومة الحكم” هو إعلان عن لقاء قوى سياسية يسارية ومدنية تتّفق على أنّ التغيير من خارج منظومة الحكم هو السبيل لتغيير بنية نظام الحكم بتمثيليته الطبقية وولائه لقوى استعمارية ومحاور سياسية اقليمية ذات مصلحة في وأد المسار الثوري والقطع مع انتظارات الشعب التونسي في تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية والسيادة الوطنية…
إنّ المبادرة الوطنية ليست بالنهاية “حلا سحريا” أو “وصفة سياسية جاهزة” ولا هي فعل تأسيسيّ نهائيّ يدّعي حلاّ جذريا ونهائيا لوحدة اليسار، وإنما هي إطار سياسي مفتوح على أوسع ما يمكن من الطاقات الحزبية والاجتماعية والمدنية والفعاليات النسائية والشبابية والأفراد والشخصيات الوطنية للنقاش التشاركي اﻷفقي بهدف وضع برنامج عمل ومهمات سياسية وميدانية في أفق خلق خيار/ فضاء سياسي وطني تقدمي يراهن على تمثيل الطبقات والفئات الاجتماعية المتضررة من السياسات الاقتصادية الليبرالية وسياسات الحيف الاجتماعي. مبادرة تقطع مع الانعزالية والسكتارية ومنطق الإقصاء والمغالبة و”تطرح على نفسها من المهام ما هي قادرة على إنجازها”… وتأكيدا على هذا المنحى في التوجّه إلى من هم معنيّين بهذة المبادرة على قاعدة الانتماء لقوى اليسار تمّ الاتصال بطيف واسع من الأحزاب والمنظمات والجمعيات والأفراد للنقاش والمساهمة في صياغة أرضية هذه المبادرة وتوجهاتها الكبرى بعيدا عن الإقصاء…
أفرز النقاش الأوّلي بين مكونات المبادرة إلى وضع اسم ظرفي لهذا اللقاء هو اسم “المبادرة الوطنية لتصحيح مسار الثورة”، اسم يتلاءم مع التوجهات الكبرى لما تطرحه المبادرة كمهمات سياسية ومحاور للعمل السياسي المواطني التشاركي. ويمكن اختزال هذه المهمات ضمن ثلاثة مفاصل أساسية مترابطة:
– سيادة وطنية تضمن سيادة الوطن على ثرواته وتلغي الاتفاقات والعقود الاقتصادية غير المنصفة وتسعى إلى إلغاء المديونية الخارجية وتفعيل استقلال القرار الوطني ومقاومة كلّ أشكال التطبيع مع الصهيونية…
– النضال من أجل العدالة الاجتماعية وضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لكل أفراد الشعب التونسي ومقاومة كل اشكال الحيف الاجتماعي/ الطبقي
– ضمان تكريس كل الحريات العامة والخاصة وتحقيق مقومات المواطنة الكاملة والمساواة بين المرأة والرجل والتصدي لكل أشكال الميز الجنسي.